في حديث دار بيني وبين صديقتي التي تدير عملها الحر، بدأت أنا بسؤالها عن كيفية جذب العملاء في ظل المنافسة الشديدة في السوق، فأجابتني بثقة بأنها تعتمد على اللامبالاة كاستراتيجية. قالت: "أعتقد أن العميل إذا شعر أنني لست متلهفة لبيع خدماتي، سيشعر بمزيد من القيمة تجاه ما أقدمه ويكون أكثر إقبالًا للتعامل معي"، وبدا لي الأمر غريبًا في البداية، ولكن مع مرور الوقت أدركت أن اللامبالاة لا تعني التراخي، بل هي ببساطة تعبير عن الثقة بالنفس وفهم السوق، حيث يتم بناء علاقة حقيقية مع العميل بعيدًا عن الضغط المستمر. فما رأيكم أنتم؟ هل تعتقدون أن اللامبالاة قد تكون استراتيجية فعالة لجذب العملاء أم أن هناك طرقًا أخرى أكثر فعالية؟
استخدام اللامبالاة كاستراتيجية لجذب العملاء، هل يمكن أن تكون هذه هي الطريقة المثلى للتسويق؟
أعتقد أن هذه النقطة تعتمد على الثقة والانتشار، بمعنى أنه بعد أن يتوفر لك الانتشار والفعالية وبعد أن يذيع صيتك كمستقل، حينها يمكنك أن تتكلم عن نفسك بصورة أكثر ثقة ولا تغالي في الحديث عن نفسك، فأنت حينها تدع عملك يعبر عنك ، ولأن المغالاة في الحديث عن نفسك في بعض الأحيان تجعل مشتري الخدمة يحمل توقعات عالية أنت من الممكن لا تستطيع أن تجاريها وتنفذها
أضيف أيضاً على تعليقك أنه يمكن استخدام عدم الاهتمام كإستراتيجية Marketing، مثلما فعلت شركة البوادي في إعلانها عن منتج جديد لها في وعاء بلاستيك بدلاً من الوعاء الزجاجي المعتاد لأنواع المربى، يصف الإعلان عميلة تتسائل في إزعاج، فيردون عليها ردود مقتضبة، وفي نهاية الإعلان كانت الخاتمة: "مربى البوادي لو ملكش فيها...عادي." وأثار الإعلان ضجة وانتقادات بالطبع.
استفزني جداً هذا الإعلان، ولا أرى أنه لا بد أن تصل اللامبالاة لهذه الصورة، لا أعتقد أن تقديم الردود المقتضبة والمستهزئة يعد أسلوباً مناسباً في التعامل مع العملاء أو الجمهور بشكل عام، وهذا النوع من الإعلانات يشعرني بأنه إهانة وعدم تقدير للجمهور، كما أنه يقلل من قيمة الحوار والتفاعل البناء، فالجمهور يستحق الاحترام والتقدير، ولا ينبغي التقليل من شأنه بأسلوب يحمل هذه النغمة الساخرة.
استراتيجية هذا الإعلان لعبت على العامل النفسي البشري بصورة كبيرة، إثارة الجدل والحوار مثلما نتكلم الآن عن مثل هذا الاعلان هو في حد ذاته نجاح يؤثر على مدى اجتماعي أكبر ومدى تسويقي أكبر، وذلك لغرابته وليس لتفرده، نظرية الدعاية عموما لا تعتمد على اظهار مميزات المنتج بقدر ما تعتمد على الاستثارة، استثارة عقول الناس حول هذا المنتج وصنع صورة تجارية له تعمل على تواجده على مدى طويل في السوق
نظرية الدعاية عموما لا تعتمد على اظهار مميزات المنتج بقدر ما تعتمد على الاستثارة، استثارة عقول الناس حول هذا المنتج وصنع صورة تجارية له تعمل على تواجده على مدى طويل في السوق
هذا كلام صحيح، فإستراتيجيات إطهار فوائد المنتج هي الطريقة القديمة للتسويق، لكن يجب الحذر كذلك مع الطريقة الجديدة في إثارة الجدل فقد ينقلب الأمر بسهولة إلى نتيجة عكسية.
هذه نقطة مهمة جداً، لا أعتقد أنه يمكننا تنفيذ استراتيجية اللامبالاة دون أن نكون قد حققنا بعض الانتشار والسمعة التي تدعم موقفنا، فعندما يذيع صيتنا ويصبح لدينا قاعدة من العملاء المستمرين الذين يثقون في عملنا، حينها يمكننا أن نكون أكثر ارتياحاً في تحديد شروطنا والتعامل مع الطلبات بشكل انتقائي، وبناء السمعة يتطلب وقتًا وجهدًا، وأثناء هذه الفترة قد يكون من الضروري تقديم بعض التسهيلات مثل العينات لتأكيد الجودة وبناء الثقة مع العملاء الجدد.
أبل أكبر شركة تبيع الهواتف المحمولة وأقل شركة ترى اعلاناتها، فأنت ترى اعلانها يوميا في الشارع في يد مقتني أجهزة أبل، فهذا بناء علامة تجارية قوية تعتمد على التسويق على الأرض وليس من خلال الاعلانات التي تظهر على كل الشاشات
صنع البراند صعب، لكنه يضمن لك بعض الأمان تجاه العملاء ويضمن لك أن العميل هو الذي يبحث عنك وليس العكس
وصفت صديقتك إستراتيجية جيّدة لكن لم يكن وصفها دقيق، فعدم الضغط على العميل أو الإلحاح عليه هي من فنون البيع المميزة، لكن زيادة اللامبالاة تعطي العميل انطباع بتقديم خدمة غير مكتملة، على سبيل المثال: لو ذهبت لشراء هاتف جديد وشعرت أن البائع يتعامل بلا مبالاة، سأستنتج أن خدمة الصيانة إذا احتجتها ستكون بنفس اللامبالاة وبالتالي لا أعتقد أنني سأشتري منه.
لا أعتقد أن الأمر نفسه ينطبق على خدمات العمل الحر، في مجال العمل الحر العميل يبحث عادة عن مرونة واحترافية أكثر من الإلحاح أو الضغط، قد يشعر العميل بالراحة أكثر إذا شعر أن مقدم الخدمة يثق في مهاراته ولا يسعى لإقناعه بشكل مستمر، زيادة اللامبالاة قد تكون مشكلة في بعض المجالات التي تتطلب تفاعلًا مباشرًا، لكن في العمل الحر تكون العلاقة مبنية أكثر على تقديم قيمة حقيقية ومرونة في التعامل، حيث يكون التركيز على جودة الخدمة واحتياجات العميل بدلاً من الضغط المستمر.
لا أرى أن هذه الاستراتيجية فعالة في مجال العمل الحر. فالمنافسة شديدة، وهناك العديد من المستقلين الذين يمتلكون نفس المهارات. ببساطة، إذا لم تنجح في إلهام العميل وأن تبدو له متحمسًا للعمل معك، فما الذي سيدفعه لاختيارك؟
ولكن طبيعة النفس البشرية أحياناً تميل إلى تقدير الأشخاص الذين يظهرون لهم الاهتمام دون أن يضغطوا عليهم، في العمل الحر قد يكون العميل أكثر ارتياحًا إذا شعر بأنك مستعد للإجابة على أسئلته ومساعدته دون إلحاح، وقد يؤدي التوازن بين الحماس والمرونة إلى بناء ثقة متبادلة، مما يجعل العميل يفضل التعامل معك لأنك تبدو محترفًا، قادرًا على تقديم الحلول دون فرضها عليه، وأعتقد أن هذه الاستراتيجية فعالة بشكل أكبر في المجالات التي تقل فيها المنافسة بعض الشيء، مثل البرمجة، حيث يكون التركيز أكثر على تقديم خدمة متخصصة وفهم عميق لاحتياجات العميل.
لو كانت لامبالاة مطلقة فهي ضارة، وهناك فرق بين عرض الخدمة وترك مساحة القرار للعميل وبين اللامبالاة، أساليب العرض والتواصل المستمر فعالة وتنجح ولا يمكن أن ننكر فضلها، ولكن أظنها تقصد اللامبالاة التي تجعلها لا تلح على كل عميل حتى يشتري الخدمة وفعلاً هذا صائب وعن تجربة بعض العملاء الإلحاح يجعلهم يشكون في الخبرة وقيمة الخدمة التي يحصلون عليها
بصراحة إسلام لم أفهم ما ترمي إليه بقصة اللا مبالاة تلك!!! ما أفهمه أني ألقي بعروضي على ما أفهم فيه من مشاريع وأحاول أن أستقطب العميل إلي بإبراز مزايا العمل معي وجودة المنتج النهائي. ولكن لا أتهاون في السعر فلا أرخص من خدماتي ولا أستطيع أن أعمل بأقل مما أقدره لنفسي. هذا فقط ما أفهمه أما اللامبالاة فاستراتيجية جديدة لم أسمع بها!
يعني أنت الآن تريد مثلاً عمل ملف مشروع يكفي مني أن أرسل لك نماذجي واسعاري مع رسالة توضح بدليل نجاح المشاريع التي كتبتها في الحصول على الدعم والموافقات هنا أنا قدمت العرض ووضحت قيمتي وبانتظار الرد.
لكن هناك من يرسل النماذج ثم يخبرك بعدها بأنه خبير ثم يخبرك بعد يوم أنه تعاون مع جهات مميزة ثم بعدها يقول انه يصمم مشاريع بخطوات مثالية ثم تجده يطمئنك لاختياره ثم ثم ثم هذا التركيز والإصرار على انتزاع الموافقة يسبب قلق لبعض العملاء ويقلل من قيمة مقدم الخدمة
إن كان هذا هو قصدها، إذن فقد فهمت وشكراً إسلام على التوضيح. بالطبع لا يصح هذا يا أخي؛ فتلك شحاذة مؤدبة لا تليق بنا وحتى أنا لم أعد أرسل نماذج للعمل فيكفي ما هو موجود في معرض الأعمال. وأحياناً يطلب مني العملاء أن أترجم لهم عينة فأترك العرض ولا أفعل. لأني أحس أنهم غير جادين لأن معرض اعمالي فيه من كل فيلم أغنية فيكفي هذا برأيي.
وأحياناً يطلب مني العملاء أن أترجم لهم عينة فأترك العرض ولا أفعل. لأني أحس أنهم غير جادين لأن معرض اعمالي فيه من كل فيلم أغنية فيكفي هذا برأيي.
لكن أحياناً يكون من المفيد تقديم عينة للعمل حتى لو كان لديك معرض أعمال يعرض خبراتك السابقة، فقد يحتاج العميل إلى تأكيد إضافي على قدرتك في ترجمة العمل بشكل دقيق واحترافي لينتقل للمرحلة التالية، وهذا التصرف لا يعني بالضرورة عدم الجدية من طرف العميل، بل ربما يكون جزءًا من عملية اتخاذ القرار النهائي، وقد يكون مجال الترجمة الخاص به مختلفًا عن ما تعرضه في معرض أعمالك، مما يجعله بحاجة إلى عينة للتأكد من ملاءمتك للمشروع.
قد يكون ذلك صحيحاً ولكن رأيت أكثر من مرة أن بعض العملاء يقومون بطلب العينة ثم لا يجيبون ولا يختارون أحداً! هذا يجعلني أشك أنهم استخدموا الجميع في ترجمة بعض الصفحات المختلفة فللم يعودوا في حاجة لتوظيف أحدنا. وبعضهم يعطيك صفحة كاملة فقط للتجريب. يكفي فقط 200 كلمة لرؤية الأسلوب و الدقة اللغوية و المعاني وكفى.
قد تكون اللامبالاة مفيدة في عدم الضغط على العميل، ولكن ذلك لا يعني أن نتركه يشعر بعدم الاهتمام أو أننا غير مستعدين لخدمته بأفضل طريقة. بالنسبة لي، يحتاج العميل إلى أن يشعر بأنه في الأولوية، وفي الوقت نفسه يفضل التعامل مع شخص يمتلك القدرة على العطاء والإصرار على تحقيق النتائج. قد يكون لللامبالاة مكان في استراتيجية التسويق، ولكن ضمن إطار معين حيث نوضح للعميل أننا واثقون في خدماتنا وندرك قيمتها، وفي نفس الوقت نكون متاحين ومستعدين لتقديم الدعم الكافي. يمكننا أن نكون غير متسرعين، ولكن من الضروري أن نُظهر اهتمامنا وجديتنا في تقديم الحلول
التعليقات