مرحبا بكم...

لنتأمل الصورة التالية:

الحقيقة فإن تعبير بن إفلك في الصورة لا يقتصر على هذا الموقف المذكور ولكنه التعبير الذي يظهر على محيا كل شخص يتم استغلاله لامر يبرع فيه او يعلم عنه بعض الشيء.

حسنا... ماهي المشكلة بالضبط؟ ماهي العلاقة بين الصورة والعنوان؟

مهلا، قبل ان اذكر المشكلة االأساسية اود ان اتطرق لمشكلة اخرى لها ارتباط بالأمر. انني ومنذ 15 عاما تقريبا (نصف عمري الحالي) اتلقى طلبات ممن حولي لأمور مختلفة وكثيرة، بدأ الأمر عندما انتشرت الهواتف النقالة، كنت حينها في المرحلة المتوسطة، وكانت امور بسيطة جدا ثم توسعت الطلبات بزيادة المعارف والأصدقاء وانتقلت للثانوية فأصبحت الطلبات اكثر تعقيدا واصبحت تتعلق بالحواسيب، على سبيل الذكر كان لي قريب حصل على وظيفة في إحدى المؤسسات التابعة لوزارة الصحة، فقد كنت اقوم بعمله في كثير من الأحيان لأنه لا يعرف استعمال حزمة مايكروسوف اوفس، انتقلت للجامعة وبدأت المعاناة الحقيقية...

كنت اساعد الأصدقاء في عملية ادخال وطباعة البحوث والواجبات، لم يتقصر الأمر على الاصدقاء في اختصاص دراستي وإنما اصدقاء من كليّات وأقسام أخرى. تطور الأمر من عملية الإدخال والتنسيق والتصحيح الإملائي واللغوي في كثير من الأحيان إلى المساعدة في الحصول على المراجع وكيفية البحث بإستخدام محركات البحث ومن ثم عمل بحوث كاملة من الصفر. "انت السبب" أعلم انكـ/ ـي قد تقول هذا ولكن ماذا سوف تفعل ان كان من يطلب هذا الأمر شخص ليس لديه المعرفة لفعله بنفسه وليس لديه الوقت لتعلم فعله وليس لديه الإمكانية المادية ليفعله بعيدا عنك؟

ليت لو ان الأمر توقف هنا وإنما استمر بالتطور. يمكنني تأليف صفحات عديدة للمواقف الغريبة التي حصلت لي، على سبيل بعد صلاة العشاء في مسجد السكن الجامعي، جاء إلي صديق تعرفت عليه من خلال صديق آخر والذي بدوره صديق لأحد اصدقائي، جاء ومعه أحد الأشخاص وقال لي:" السلام عليكم اخي، اود ان اعرفك على فلان، إنه يدرس معي وقد انتهى من كتابة بحث تخرجه والاستاذ المشرف يطلب ان تكون البحوث مطبوعة وليست مكتوبة، المشكلة ان موعد تسليم البحث النهائي بعد يومين، وقد ذهب صاحبي إلى إحدى المكتبات وسأل عن التكلفة فكانت مرتفعة، فأخبرته انك ستقوم بمساعدته في طباعة البحث، هل لديك شيء الآن؟". صراحة لم اعرف ماذا افعل سوى الموافقة وجلسنا ساعات نُدخِل صفحات تلو صفحات، المشكلة ان الأخ كان يدرس في إحدى اقسام العلوم الشرعية وكان يجب ان يضع هامش او هامشين لكل سطر يكتبه ففي بعض الأحيان يزيد محتوى الهامش اسف الصفحة عن نص الصفحة الأساسي وكان امر مزعج جدا.

اود ان اقول انه ولله الحمد منذ 4 سنوات تقريبا لم تعد الطلبات كما كانت فقد إنتقلت لبلد آخر وليس لي من الإرتباطات الكثير ولكن تأتيني طلبات من حين لآخر. واقوم بكل ما استطيع فعله. ولكن لي صديق مازال يطلب مني المساعدة في كل صغيرة وكبيرة، وانا ليس لدي مانع أبدا. ولكن... الأمر وما فيه ان قيمة الوقت في البلد الذي انا فيه تختلف اختلاف كبير. وهذا ما حاولت ان أوصله لصديقي ولكنه لا يفهم، وانا لا اود ان يظن انني تغيرت عليه، فللأسف هذه هي "الصيغة المبتذلة" حول كل من يسافر.

حسنا... كفى لنتكلم عن الموضوع الأساسي لهذه المشاركة...

"لا تعطني سمكة ولكن علمني كيف أصطاد"

اود فعل ذلك حقا، اود ان اعلم كل شخص ياتي إلي محتاجا سمكة، اود ان اعلمه كيف يصطاد. ولكن هل مازال هناك حقا من يرغب بتعلم الصيد؟ مازال صديقي يطلب ان اساعده في البحوث التي يجب على زوجته القيام بها. في البداية ارسلت له مصادر وبحوث وقلت له ان يقوم باقتباس نفس الهيكلية المتبعة في البحوث ويستخدم المصادر المذكورة ويجمعها في بحث. ولكنه لم يكن يرغب بذلك لعدم توفر الوقت والمعرفة، فأخبرته ان يقوم بإعادة الصياغة بالرغم من أنه أمر خاطئ ولم يكن يريد فعل ذلك لانه لا يعرف كيف يفعل هذا الأمر، فقمت بعمل بحث فريد واستعملت كل الضوابط الصحيحة لعمل البحث ومع هذا فإن الأستاذ المشرف لم يعط زوجته درجة كاملة وقال لزوجة صديقي ان البحث ليس لها وانه يعود لشخص ما.

على أي حال مؤخرا طلب مني هذا الصديق بحث آخر حول احد الأمور الفقهية فزوجته تدرس علوم القرآن وانا قررت مساعدته، ثم سألته هل البحث يجب ان يكون فريدا ؟ ام يمكن ان نقتبس من بحوث أخرى اختصار للوقت؟ فقال: لا لقد اخبرهم الاستاذ المشرف انه سوف يتأكد إن كان هناك سرقة علمية.

آخذا بالحسبان إختلاف اختصاصي عن الإختصاص موضوع البحث وجدت ان الأمر سوف يأخذ من وقتي الكثير وقد ذكرت آنفا ان قيمة الوقت في البلد الذي انا فيه عالية جدا، فقررت ان اطلب من أحدهم عمل البحث وسوف اتكفل بالمصاريف. بما ان بلدي الحالي غير مدعوم من قبل خمسات او مستقل تواصلت مع إحد الأشخاص هنا ولكنه رفض تقديم الخدمة لانها امر غير جائز. توجهت لموقع فايفر واتفقت مع شخص لينجز البحث خلال إسبوع. وصلني البحث اليوم واعطيته لصديقي مع عمل بعض التنسيقات واكمال بعض الجزئيات. فوجدت صديقي يخبرني ان البحث صغير وعرفت بعدها ان البحث هو بحث للتخرج هنا حدثت الصدمة. فالأمر لم يكن مجرد واجب منزلي او شيء من هذا القبيل وإنما احد شروط التخرج.

والآن اتسائل لماذا يتساهل احدهم في سرقة جهد وبحث شخص ما وفي نفس الوقت يجد صعوبة في الغش في الإمتحان؟ مع انه نفس الأمر؟ بل إنه امر اسوء لانه عند انجاز بحث في مجال ما فإننا نرفد المحتوى الذي وصله اليه العلم بذلك الإختصاص بموارد وبيانات تزيد من قيمته وتساعد البشرية والأجيال الأخرى لإنجاز المزيد. إلى متى يقتبس الطلبة من بحوث غيرهم ويجدون ان الأمر شيء عادي؟ لماذا لا تحدث توعية حول السرقة العلمية لماذا يمكن لبعض المحلات تسهيل السرقة العلمية تحت غطاء "إنجاز البحوث" وبنفس الوقت يتم محاسبة الاشخاص الذين يقومون بتسريب الأسئلة او بيعها او المساعدة في الغش في الإمتحانات؟مالفرق؟ انا لا الوم صاحبي فهو يظن انه أمر عادي.

تحيتي لكم...