ما الذي تفعله في أوقات الإنتظار عندما لا تملك هاتفاً

وأنت بدورك الآن قمت بعكس حسن النية وقفزت إلى استنتاجات مغلوطة عني. قد تبرر لنفسك ذلك لأنك مؤمن حقيقي وغيرك مجرد عبيد ضالين ينتظرون منك أن ترشدهم.. ربما.

لا ادري من لم يحسن النية الآن انا ام أنت؟! هل قلت لك انت يا شخص مجهول نيتك سيئة أم قلت ان هذا النوع من الكلام غالبا هو كذا؟ وهذا فعلاً ما رأيته في الكثير ممن احتك بهم في الواقع ولكن لم أجزم بتعميم الصفة على الكل! ولم اتهمك شخصياً.. ثم هل ذكرت لك اني مؤمن وأنت ظال؟ أم هذا استنتاجنا لكل من يذكر التسبيح وقراءة القرآن فقط حتى انه لم ينصح؟!

الفكرة أن هذه النصائح المكررة والمتداولة بعشوائية لا تزيد من تطبيق هذه الأمور في حياة الناس بل غالبا ما تقلل من قيمتها.

هو حتى لم ينصح فقط ذكر ما يفعله في وقت فراغه انت ذهبت بعيداً الى رسائل الواتساب وغيرها.

هل تعتقد فعلاً أن قراءة القرآن في المواصلات سيزيد من فهمك له؟ أم أن الموضوع أصبح مجرد صفحات تنتهي منها في اليوم لتشعر ببعض الإنجاز؟ لن أقول أنه من المستحيل تدبر القرآن في المواصلات أو أماكن الانتظار، ولكنه حتماً ليس ما تروج له هذه النصائح العشوائية.

لماذا تعتبر الأمر مجرد ارقام وانجاز يريد الوصول له؟ هل ذكر ارقام يحاول كسرها؟ ثم ما المانع من التدبر في آيات القرآن في المواصلات هل نحتاج الى أرائك نجلس مرتاحين عليها حتى تتوفر شروط تدبر القرآن؟ أعجب ممن يستطيع أن يستمع للكتب الصوتية ويركز فيها ويفهم مضامينها ويعجز غيره عن تدبر ايات القران في نفس الوضع؟

ثم أصلا لماذا يجب عليه أن يتدبر آيات القران هنا؟ الا يكفيه أن يرطب فاهه بكلام الله؟ ثم عندما يجلس في بيته مرتاحاً يتدبر كلام الله؟

ما يحيرني عندما يسهل الله الأمور لنا ونصعبها على أنفسنا.

هل هذه نصيحة حتى؟ حقاً؟ هل تنصحني بأن أتأمل خلق الله في المواصلات؟ أم في المستشفى ربما؟ حسناً لو قلت تذكر نعم الله قد أتقبلها ولكن أتدبر وأتأمل في ماذا بالضبط؟

عجيب بديع خلق الله وقدرته التي ملئت حيز الوجود وما يتجاوزه هل تستحيل عليها أن توجد في المستشفيات أو في المواصلات؟

(وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَوَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَوَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ*فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ)

ذكر الله والتدبر في خلقه لا يتوقف على زمان أو مكان فكل صغيرة وكبيرة هي آية من آيات الله.. اليست أوقات الفراغ هذه هي فرصة جيدة لنتأمل ونتدبر في ما اعتدنا عليه ولم نعد ننتبه له؟ هل خلت المستشفيات والمواصلات من كل هذا ؟!

أما عن الاستغفار والذكر، فقلي بالله.. هل الهدف من الذكر أن تستشعر ما تقوله من تسبيح وتحميد وتكبير أم مجرد كليمات ترددها بلا وعي ولا أي تأمل؟

لماذا تفترض أنه لا يتدبر ولا يستشعر التسبيح والتحميد لله؟ ويعتبره مجرد انجاز يحققه؟ ثم من جديد ما المشكلة في الذكر فقط؟ امسك مسبحتي واستغفر الله فقط لا شيء؟ لا أفكر في انجاز ولا اتدبر وأتأمل هل هناك مشكلة؟ هل يتعارض هذا مع تدبري في أوقات أخرى؟

فيما يخص الفقرات الأخيرة وجزئية كتاب وهم الإنجاز أتفق معك في أن اختزال ذكر الله والتدبر في كلامه خطأ عندما يتحول الى مسابقة لحصد الأرقام.

ولكن التعليق كان بعيد عما ذكرته لم يقدم نصائح، فقط عرض ما يفعله

وأيضاً لدي مشكلة في رد الفعل المعاكس اتجاه هذ النوع من الأفكار التي تنتقد منشورات الفيسبوك والواتساب، أن يتحول التسبيح عند الكثير الى مجرد ارقام لا يعني أن كل من ينصح بالتسبيح أو مجرد ان يذكره يعني أنه يطلب منك أن لا تتدبر وتتأمل كما أيضاً لا ينفي فائدة ذكر الله في كل وقت حتى بدون تدبر وتأمل.

الأمر اشبه بسؤال لماذا لا نحفظ القرآن؟

فيجاب على سؤاله وهل الحفظ يعني التدبر والتأمل في القرآن؟ لماذا أضيع وقتي في الحفظ والترديد كالببغاء يكفيني ان اقرأ واتدبر وافهم؟

مشكلتي مع هذا الرد هو افتراضه أن من يدعو لحفظ القرآن = لا داعي لتدبره!

هل يصعب الجمع بين الأثنين؟ لاسيما أن الأولى ايضاً محمودة.