لا تكن لطيفاً إلا إذا كنت قوياً، اللطافة مع الضعف باب للمشاكل.

اللطف غير المدعوم بالقدرة على فرض الحدود واتخاذ القرارات الصعبة يعرّض صاحبه للاستغلال ويفتح الباب للفوضى، ولكن لا ارى ان العيب في وجود اللطف بل في غياب الحزم وغياب قوة الشخصية، الامر اشبه بالعفو مثلا فمن يسامح لأنه ضعيف ولا يستطيع رد حقه غير الذي يستطيع أن يرد بقوة لكنه يختار العفو، يعني العفو عند المقدرة.

فأنا لا أرى الخلل في وجود اللطف كما قلت، يعني لو أنا مثلا كنت لطيفا وضعيف شخصية، سأحرس على تقوية شخصيتي والحفاظ على شخصيتي اللطيفة وليس التخلص من لطفي فقط لأني لست أهلا لحمله، علينا أن نفهم أن اللطيف الهين اللين يقف على قمة الهرم في قوة الشخصيات حقيقة.. حتى لو رآه البعض ضعفا أو سذاجة أو غباءا، وهذه النظرة بسبب ان الناس عادة لا يفرقون كثيرا بين اللطيف القوي واللطيف الضعيف، ربما هذا ما جعل اللطفاء ينظرون الى اللطف بحد ذاته كضعف بينما هو ليس كذلك إطلاقا.

لا أعتقد أن اللطف والتساهل يمنع وجود مهارات قيادية، في الموقف الذي ذكرته أرى اللوم الأكبر على إدارة الشركة لوضعه في إدارة فريق، رغم كل الدعاية التي تغرقنا بها الشركات عن كيف يعلمونك مهارات القيادة أو يتحققوا إذا كنت تملكها أم لا، شاهدت مدراء في غاية اللطف وفي نفس الوقت داخل العمل يتمتعون بالاحترافية الكافية التي لا تجعل أحد يفكر في تجاوزهم أو التكاسل عن عمله، وهذا في رأيي لا يتطلب بالضرورة شخصية قوية وصارمة، حيث أن للعمل بروتوكولات والذكي فقط هو من يطبق كل تلك البروتوكولات حتى لو لم يمتلك مهارات القيادة.

ربما تكون المشكلة هي اختيار التصرف المناسب حسب الوقت المناسب، فلكل مقام مقال، للطف وقت والحزم وقت، ووضع هذا مكان ذاك هي مشكلة، والعكس. فلا يوضع الحزم وقت اللطف أيضاً، يحضرني بهذه المناسبة قول المتنبي:

وَوَضعُ النَدى في مَوضِعِ السَيفِ بِالعُلا...مُضِرٌّ كَوَضعِ السَيفِ في مَوضِعِ النَدى.

أي اختيار الكرم وقت الحزم مضر بالرئيس مثل وضع الحزم مكان الكرم.

فكان على المدير اختيار التصرف المناسب لكل موقف، فاللطف لا يصلح لكل الأوقات، ولا لكل المواقف، ويجب أن يترافق بالحزم والمنطق والقوة والدهاء.

كما كان يجب على إدارة الشركة حسن التقدير وتولية شخص أكثر خبرة لحل المشكلة، فهي مهارة تتطلب مران ولا تُكتسب في وقت قليل.