طاولة عليها 3، طارق المتزوج الذي ينظر إلى داليا، وبالنسبة لداليا فهي تنظر لسالم الاعزب

في هذه الحالة، هل يوجد متزوج ينظر لغير متزوج(عازب)؟ فكر للامر للحظة قبل ان اعطيك الاجابة.

في البداية يظهر انه هذه معضلة لقلة المعلومات، لاني لم اخبرك اذا كانت داليا متزوجة ام لا، ولكن الواقع انه يمكن حل هذه "المعضلة" بسهولة، ففي النهاية داليا قد تكون متزوجة او غير متزوجة،

  • في حالة كانت متزوجة، ففهي هذه الحالة هي تنظر لسالم الاعزب، بالتالي الاجابة ستكون "نعم"
  • في حال كانت اعزبة، فان طارق ينظر لها، بالتالي ايضا الجابة ستكون "نعم"

هل اقتنعت الان بانها ليست مُعضلة حقيقة وان المعلومات المتاحة كانت كافية لاجياد الاجابة؟

لحظة قبل ان تذهب، اخبرني كيف اقتنعت ! الحق ان هذه "المعضلة" ليست بهدف اقناعك بانه يوجد اجابة، بل ما اريده بحق، هو "تغيير" رايك، فأن كانت اجابتك الاولى هي "لا، لا يمكن حل المعضلة" فقد استطعت تغير رايك عن طريق المنطق.

قد يبدو المنطق هو الخيار المثالي دائما لتغير اراء الناس، ولكن الواقع يقول شيئا اخر، فيوجد العديد من الدراسات التي تثبت ان "علم" الابراج ليس بحقيقي وانه ليس له نتائج حقيقة والمنطق يقول انه غير حقيقي، ومع ذلك الناس تصدقه.

المنطق يجري نفعا عندما نكون على نفس المعتقد (المصادر)، اي لو ان المصادر التي استعملها في تغيير رايك هي نفس المصادر التي تستعملها انت، فعندها يمكن تغير رايك، مثلما حدث مع المعضلة في البداية.

ولكن لن ينجح المنطق ابدا ان كانت المصادر مختلفة، فلن يمكنك اقناع اي احد بالمنطق بوجود نسيج الزمكان لانه يؤمن بان الارض مسطحة !

بهذه المقدمة نستطيع القول انه لتغيير اراء الناس تحتاج لمعرفة ما يؤمنون به؟ نعم ولكن ليس ذلك فقط، بل ايضا ما الذي يثقون به، وما القيم التي يقدرونها، ليكون الثلاثي هو :

  • المعتقد (المصدر)
  • الثقة
  • القيم

الثقة

الثقة هي ان تتبع احدهم اكثر من اتباعك لاي شيئ اخر، فان قال "افعلوا كذا" فعلته، وان قال "يوجد اسد في الغرفة التالية" صدقته، وهذا الاسلوب موجود كثيرا في اشياء مختلفة. المشكلة الكبرى هي (من الذي تثق فيه؟)

لا اقصد بسؤالي الاخير استنكار من تثق به، بل اقصده حرفيا، ما ذلك الشيئ الذي تثق به؟ هل هو انسان ام كتاب ام علم ام حقائق ام احصائيات ام امثلة ام شائعات ام حكومات ام شركات ام انك تثق في ارائك الشخصية. في المعضلة الاولى كنت تثق في رايك الشخصي، ورأيت انه لا يوجد اجابة، وبطبيعة الحال كان خاطئا لانه يوجد اجابة.

لتغير راي احدهم مثلا عن الاحتباس الحراري، فقد يكفي اعطائه احصائيات من مصادر يثق بها، او جعل شخص يثق به يتكلم عن الاحتباس الحراري.

القيم

الليبرالي هو انسان يسعى للمساواة في كل شيئ، (على الاقل حسب ادعائه)، بالتالي عندما عُرض على بعض الليبراليين ان يدعموا الجيوش بالمال من باب "يجب ان يكون ولائك للوطن وجيشه" رفض الليبراليين ذلك تماما، ولكن عندما اعادوا نفس الطلب ولكن من باب "الجيش يوفر فرص للمساواة، مثل الوظائف والتعليم لمن يغزوه الجيش" فبدء مباشرة الليبراليين في دعم الجيش بالمال.

ما حصل هنا هو اقناع او تغيير راي اللبراليين عن طريق استعمال قيمهم الشخصية، بالنسبة لهم فرص العمل والتعليم هي من اسس المساواة والتي هي قيمتهم الكبرى -حتى وان وضعهوها بانفسهم.

خلاصة

عندما تريد تغيير راي شخص ما، حاول فهم ذلك الشخص، عندما تريد تغير راي مجتمع ما، حاول فهمه اكثر. وحاول معرفة ارائه الاساسية في الرفض او القبول كانت مبنية على اي واحدة من هذه الثلاث (المعتقد، الثقة، القيم)، ثم تلاعب على هذه المعايير.

ايضا هذه المعايير ليست مُطلقة، اي ان اراء الناس ليست تعتمد على واحد فقط من هذه المعايير، بل ربما تعتمد عليهم كلهم بمستويات مختلفة

مصدر :