الأحلام لا تدوم
أحيانا نشعر أننا نعيش فترة حياتية مميزة ومستقرة، كل شيء فيها يسير بشكل مثالي، ويرتفع فيها مستوى إنتاجيتنا بشكل غير مسبوق، حتى تفاجئنا الحياة بفخاخ طويلة الأمد لا ندرك وجودها ونقع فيها دون أي وعي حتى نبلغ القاع، ولا يسعنا حينها إلا النظر إلى الماضي والحنين.
حكاية أعيش تفاصيلها كلما حاولت التخطيط لأمر ما، فأجد نفسي في البداية ارسم خطًا مستقيمًا من ألف إلى ياء، لكن هذا الخط لا يستقيم إلا على الورق فقط، ففي الحياة الواقعية لا شيء يسير كما خُطط له ولكن لماذا؟!
الخطط مجرد توقعات
قال أحدهم ذات مرة نحن لا نضع الخطط إنما نحن نصنع التوقعات، وهذا تمامًا ما يحدث لنا حين نفكر في الوصول إلى هدف ما، فنحن نضع خطة تتضمن فقط مع علينا أن نقوم به للوصول إلى هدفنا في الوضع المثالي، دون الأخذ في الاعتبار أي متغير قد يطرأ على المعادلة.
ومن أشهر تلك المتغيرات هي الحالة النفسية التي تتقلب بين الحين والآخر، والحالة الصحية فالمرض أحيانا يوفق كل شيء في حياة السقيم حتى يشفى، وضغط العمل قد يكون عائقًا هو الآخر…
كيف يغلبنا الذكاء الاصطناعي
ولهذا علينا عندما نواجه كل تلك المتغيرات أن نتعلم من الآلة التي صنعناها لكي تتعلم:
فأنت عندما تحمل لعبة على هاتفك الذكي وتلعب فيها ضد معالج الجهاز، فسوف تخسر عدة مرات حتى تتمكن من حفظ كافة الأنماط التي يلعب بها هاتفك، وعندها مع مرور الوقت تتمكن من التغلب عليه دون عناء.
لكن إذا كان معالج هاتفك يعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي، فسوف تتغير الأمور تمامًا، فمع كل مرة تتغلب عليه فيها، سوف يقوم هو بمثل ما قمت به، ويتعلم من أنماط لعبك التي تعودت عليها وانت تلاعب المعالج العادي، وسيبني مجموعة جديدة من الأنماط التي سوف يتغلب عليك بها بسهولة،، وسرعان ما ستعود هذه العجلة للدوران من جديد.
إلا إذا حين خسرت لأول مرة بعد اعتيادك على الفوز، انهارت مشاعرك، وشعرت بأنك فشلت في التغلب على آلة صماء، وقد تحذف اللعبة في خضم غضبك وثورتك.
لعبة الصدمة
وهنا تحديدا تظهر المشكلة الحقيقة في لعبة الحياة..
فعندما تبدأ حياتنا تسير في خط مستقيم لبعض الوقت، نعتاد نحن على هذه الحالة الشاذة، ونظن بأن ما نحن فيه هو الطبيعي، ولا نلبث ساعة إلا وتفاجئنا الحياة بتغيير جذري أو حتى جزئي في مجرى الأحداث، مما يعطل كافة الخطط التي كانت تسير على الشريط الخطي الذي انحرف فجأة.
وما كان يجب أن نفهمه هنا هو أن لعبة الحياة تشبه كثيرًا اللعب مع الذكاء الاصطناعي…
فعندما نبدأ في الاعتياد على نمط ما، تتغير الأنماط، ونصاب بخيبة أمل كبيرة، خاصة عندما نكون متعلقين نفسيا بذلك النمط القديم، وتكون خططنا المعتمدة عليه متعلقة بأمور مهمة مستقبلية، وتسيطر علينا صدمة التغيير ، وتأخذنا الظنون والملهيات والمشتتات في أكثر من طريق، حتى ننسى أين كنا وإلى أين كنا ذاهبين.
لعبة التكيف
رغم أن الأمر قد يكون بسيطًا للغاية، وجل ما كنا في حاجة إليه هو تعديل بسيط في أسلوب لعبنا، وابتكار أنماط جديدة تتماشى مع الوضع الجديد في حياتنا وطريقة للتكيف مع متغيراتها.
وقد لا ندرك تلك الطريقة إلا بعد انهيار كل شيء، لا بأس فالخسارة هي جزء لا يتجزأ من عملية الفوز.
ولكن لن نتمكن أبدا من معرفة كيفية تعديل خطتنا، بالطريقة التي تساعدنا على التكيف مع الأنماط الجديدة للعبة الحياة، ونحن نترك عقولنا في كل مرة فريسة للصدمة، لينهمر فيضان المشاعر فيها مدمرًا كل شيء.
إذا فالتحدي الحقيقي هنا هو التوقعات، فإذا لم تتوقع الصدمة تخسر، وإن توقعتها واستعديت لها، تربح فرصة للفوز، وتخطي المرحلة الحايلة وهكذا.
الله أعطانا الحل
ولذلك يجب علينا أن نحاول دائمًا، أن نركز على المبدأ القرآني العظيم، الذي أكد الله تبارك وتعالى عليه مرتين في نفس السورة.
قال الله تبارك وتعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: 5 - 6].
التعليقات