هرب أوس بن حجر، وهو شاعر جاهلي قديم، من أحد المعارك. فعابه الناس، ولك أن تتخيَّل ما في ذلك من عيب عند القدماء.

حينما جابهه الناس بما صنع، ردَّ أوس ردًا بليغًا فقال:

وليسَ يعيبُ المرء من جُبنِ يومه

وقد عُرِفَت منه الشجاعةُ بالأمسِ

مَطاعينُ في الهَيجا مَطاعيمُ لِلقِرى

إِذا اِصفَرَّ آفاقُ السَماءِ مِنَ القَرسِ

---

أوس غيَّر سياق الحديث من فراره من المعركة، إلى أخبار شجاعته في السابق (مطاعين في الهيجا) وإلى كرمه وجوده (مطاعيمُ للقِرى) في أكثر الظروف التي يتمنَّع فيها الناس عن الكرم (إذا اصفرَّ آفاق السماءِ من القَرسِ)

والحال أنّنا نسينا أمر هروبه من المعركة، وصفّقنا وحيّيناه!

تسمّى هذه المغالطة في أدبيات المغالطات المنطقية بمغالطة "الرنجة الحمراء" وهي سمكة ذات رائحة شديدة، في إشارة لتشتيت الإنتباه.

المغالطة يمكن تفكيكها إلى أنَّ الشخص يطرح عليك موضوع (س) فُتبدله بـ (ص) وتوُغل في تفاصيله هربًا من الموضوع الأوّل.

سيكون (ص) أكثر تأثيرًا لو كان له وجه شبه سطحي مع الموضوع الأوّل (س)

---

دورك مع هذه المغالطات أن تُعيد صاحبها ببساطة إلى الموضوع الأوّل. لا تنغمس معه في الموضوع (ص) فهو ما فتحه إلّا لأنّه متمكن من كافة نواحيه.

فلا تعترض على شجاعة أوس بن حجر ولا كرمه في السابق. بل أعده إلى موضوع اليوم!

ولا تُكثروا باللوم عليه فقد لاقى من أم الحصين ما يكفيه:

أَجاعِلَةٌ أُمُّ الحُصَينِ خِزايَةً

عَلَيَّ فِراري أَن لَقيتُ بَني عَبسِ؟!

تمرين: هل تستطيع أن تستخلص مغالطة منطقية استعملت "الرنجة الحمراء" في آخر اسبوع؟