يدعم كبار السن حول العالم الأحزاب المحافظة التي ترغب بالعودة بالبلد للوراء عشرين, أربعين, مائة سنة لا يهم, المهم العودة للخلف سنوات الشباب حيث كانت الحياة أفضل على ما هي عليه الآن حسب الزعم والوهم. ربما أفضل مثال هو التصويت ببريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي برعاية الازهايمر والخرف...

رفض الشباب البريطاني أن يحدد كبار السن مصير مستقبلهم, لأنهم يرون أن المستقبل في البقاء بالاتحاد, في حين يعتقد كبار السن أن الحياة كانت أفضل بالماضي قبل أزيد من عشرين عام من دون اتحاد.

مع تقدمنا بالسن تحدث لنا عدة تغييرات بأدمغتنا ومن بينها ويا للمفارقة! رفض التغيير, يعاني عدد كبير من الأفراد في محاولات إقناع فرد متقدم بالسن من العائلة بتبني تغييرات بسيطة تسهل عليه وعليهم المعيشة.

ليس كل كبار السن يرفضون التغيير, لا أسخر من البشر بل السلوك! فأنا أيضا سأشيخ لا تقلق وقد أقاوم التغيير باجتهاد, إن لم أمت قبل ذلك طبعا!

وإن كانت المشكلة منتشرة بين المتقدمين بالسن إلا أنها تطال حتى الشباب الذين يحاربون بشراسة وقوة أي ذرة تغيير, فإذا ظهرت خاصية جديدة بمنتج يستخدمونه فهم أول المنتقدين لها, وبعد اعتيادها ينتقدون وبنفس الحماسة قرار إزالتها.

لدى عديد من البشر تلك النزعة التحذيرية من المستقبل, والأهوال التي تنتظرنا من عملية التطور التكنولوجي والقانوني والمجتمعي. لا يمكن أن أدعي على أي حال أن كل تطور هو للأفضل فكثيرة هي نماذج التطور نحو الأسوء. ولكن الموضوع هنا حول تلك السمة الشخصية الملاصقة للفرد التي ترفض أي تبدل سواء كانت نحو الأسوء أو الأفضل لا فرق, فإذا نجحت واستفادوا رضوا وإذا لم تنجح سخطوا وذكروك بما قالوا آنفا. إنهم ذاك النوع الذي يسارع بالاعتراض بمجرد قراءة عنوان فكرة جديدة دون حتى أن يكلفوا أنفسهم رخاء الاطلاع على تفاصيلها فبالأحرى تجربتها, وهم أنفسهم ذاك الصنف البشري الذي لا يراوح مكانه يتخبط في عمله متسائلا أين الخلل في حياته؟

هل يمكن تجاوز هذه النزعة؟

يصعب على بعض السمات الشخصية القوية أن تتغير لأنها جزء لا يتجزأ من الفرد, ولكن يمكن على الأقل استحضار هذه الحقيقة بالذهن والتخفيف من جرعات المقاومة لدى من له قابلية ومرونة في أسلوب التفكير, لقد كنت أقاوم ذات نفسي التغيير بالماضي القريب وأعيب كل جديد وأبحث عن مساوئه ولكنني حاولت تغيير أسلوب تفكيري نحو التقبل والبحث عن الايجابيات بدل المساوئ, والاطلاع على كل ما استجد, ولا يعني هذا أنني على صواب وغيري على خطأ ولكنه ربما أسلوب قد ينفعنا أكثر مما يضرنا في عمومياته, لأن العالم يتغير دون أن ينتظر موافقتنا ورضانا, فإن لم نواكبه تجاوزنا, لنصير بعد وقت قصير خارج التاريخ.

والآن عزيزي القارئ ما رأيك؟ هل هناك نماذج صادفتها لمقاومي التغيير ترجح أن حالهم كانت ستتحسن لو قبلوا فكرة جديدة عليهم؟ هل تحاول تقبل التغيير؟