نحمد الله ونستعين به ونتوكل عليه ونؤول إليه ونشكره تعالى قائلين { اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم } ، يا قُراء المقال أحييكم بأفضل تحية ، تحية ملؤها سلام ورحمات وبركات ،تحية الرسل وتحية المؤمنين في الدنيا والآخرة، وكما قال عز وجل { وتحيتُهم فيها سلامُ } فسلام من الله عليكم ورحمته وبركاته.

أمّا بعد: فإن في مخلوقات الله عز وجل تقلُبات و تغيُرات في الأحداث و الأحوال؛ وعبرة للمعتبرين وعظة للمتعظين وذكرى للمتذكرين و تبصرة للمستبصرين، { جائحة كُورُونا } أصبحت ولا زالت على الأقل حتى لحظة كتابتي لهذه السطور حديث الناس والمجالس والقنوات ومواقع التواصل الاجتماعي ، بين مُقلٍ ومستكثر وناقل ومحلل.

و لكن السؤال المهم الذي يجب على كل منا طرحه على نفسه في مثل هذا الحدث الخطير والطارئ والمفاجئ، هل يعقل أن نكتفي بمتابعة الأخبار والرصد والتحليل والبحث عن الأسباب ومراقبة الأرقام وكيفية الوقاية المادية الحسية لهذا المرض فحسب ؟! أم علينا كالمؤمنين أن ننظر للحدث من حيزا و زاويا أدق وأعمق لأخذ العبرة والموعظة والحكمة فالاعتبار سنة مهجورة والاتعاظ عبادة عظيمة فقد قال الله عزّ وجلّ في محكم كتابه العزيز بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ} النور:44.

قبل تطرق إلى الاعتبار و الاتعاظ من هذه الجائحة نطرح تساؤلا لماذا كل هذا الهلع اتجاه هذا الفيروس ؟؟

لإجابتي على تساؤل من هذا نوع وجيب علينا معرفة العدو-الفيروس- الذي نتعامل معه – ومنها تصحيح لبعض المفاهيم العلمية - وبعدها نفرض الفرضيات والسيناريوهات المحتملة لمن أصيب بهذا الفيروس وفي الأخير نحكم عليه هل حق يستحق كل هذا الهلع ؟

{ كورونا أو كوفيد-19} كما يُطلق عليه أصحابُ الاختصاص يعد الآن من الأكثر المصطلحات العلمية في القرن الواحد والعشرون شيوعاً وتداولاً وانتشاراً بين الناس, ذلك الفيروس الصغير –المايكرو- الذي استطاع إحداث تغيير عجيبا في حياة الناس, من إغلاق للمدارس والجامعات والمطارات والعديد من التجمعات و توقيف جميع حركة السير والمواصلات العامة كانت أو الخاصة، وأغلق الحدود وبعض المدن بالكامل، وبحسب أحدث الأخبار و أخر المستجدات بشأن تفشي جائحة فإن الأزمة لازالت في بدايتها والتكهنات والأرقام والأعداد والإحصائيات هي سيدة الموقف حاليا.

بحسب علماء الاختصاص فإن كورونا ليس فيروساً، بل هو طيف كبير من الفيروسات يسمى التاجيات، أو ذات الشكل التاجي ومن هنا جاءت تسميته كورونا, وغالباً الزكام الذي تعرضت له في العام الماضي أو ما قبله، هو كورونا إلى هنا الأمور واضح. المشكلة فقط مع- الكوفيد 19- والذي يمكن اعتباره النسخة الأحدث والأكثر تطوّراً من فيروسات الكورونا. والآن لنفرض أن أحدٌ ما قد أصيب بهذا الفيروس، ما هي الاحتمالات أو السيناريوهات المحتملة؟

السيناريو الأول و الأكثر حدوثاً، ألا يحدث شيء أساساً. يمر كوفيد-19 وكأن شيئا لم يحدث، يدخل ويخرج دون أن تدري. لأنك شاب، ولجسمك مناعة جيدة، فيتم تصدي له بشكل روتيني عادي.

أما السيناريو الثاني وهو أن يصيبك كوفيد وتظهر أعراض لكنك تتعافى بعد موجة دفاع من الجهاز المناعي، فهو كالاحتمال الأول، لكن إن كانت مناعتك ليست بالمستوى الجيد، لا بد من قليل من المجابهة داخل جسمك.

أما الثالث وللأسف هي الحالة الوحيدة التي يُسلط عليها الضوء إعلامياً، وهي الانتكاس الذي ينتهي بالموت بسبب نقص المناعة. وهنا يجب أن نذكر أن هذا سيحدث بكوفيد_19 أو حتى أي مرض فيروسي آخر. الأشخاص بدون مناعة سيموتون من أقل الهجمات المرضية، فالأمر ليس حكراً على كوفيد_19, إلى هنا الأمور عادية جدا الآن نأتي للسبب الذي جعل هذا الفيروس يسبب الهلع في الأوساط المجتمعات ميزاته أنه سريع الانتشار ذو تواتر عالٍ جداً، هذا هو السبب الرئيس في كل هذه الضجة. تأثيره عادي أو شبيه بما يسبقه من ميكروبات أو الفيروسات، إلا أن سرعة انتشاره وسهولة نقله إضافةً لعمله بشكل صامت، هي ما تجعله خطراً وفقاً لمنظمة الصحة العالمية التي صنّفته كوباء, ولو أردنا وضع بعض الأرقام للأمراض المعدية والمزمنة أو الأوبئة لمقارنتها مع وباء { جائحة كُورُونا } يتبين لنا أن أرقام كوفيد-19 مازالت في بدايتها أو هي ضعيف بكثير مقارنة بي غيرها، لكن ......كما كنت أقول، المشكلة مع الكوفيد-19 أنه سريع الانتشار ما يسبب الموت بسبب عدم كفاية أنظمة الرعاية الصحية من جهة وتكدس الأعداد أحيانا من جهة أخرى، وليس بسبب القوة المرضية للفيروس نفسه.....يتبع .