لماذا لا ينتهي الكلام؟

لماذا لا أزالُ أسمع أزيز الحروف وهي تصّطَكُ بين أسناني تريدُ أن تتنفسَ!

لماذا بعد أن روّضنا طفلنا الصغير على السُّكوتِ

عادَ يبكي من جديد؟

بعد أن ردمتَ التراب 

وزرعتَ الزُّهور 

وسقيتَها من دموعٍ حارقةٍ

و وقفتُ على أطلالها تستمعُ لسُعارها

و دفنتَ آمالك بالذينَ غابوا

 لا تزال تحملقُ في الصورةِ

وكّلما فلحتَ في الخروج من شرنقةِ الماضي

عدتَ تحملقُ في ذات الصورةِ

يرحلُ الصيفَ ويزحفُ الخريف على الطرقات

وما بين آهٍ وآهات 

تعود تحملقُ في ذات الصورةِ 

تقومُ حربًا و يثورُ العالم ويقتلُ الناس بعضهم بعضا

ترتفعُ الأسعار ودوّى الظلم بالزنجير 

و تتكالبُ الظروف كأنها تغربلُ الموسِر من الفقير

كل شيء نحو الحضيض

كل شيء يحدو النقيض

كل شيء يفتتُ عظام الرضيض

ولم تبالي بالساكنات قبل الهائجات

وتعودُ تحملقُ في الصورةِ

هذه المرّة أنت تنظرَ لضحكةٍ صمَّاء وملامح صغيرة و قلبًا خاليًا من الكدمات وقد تبدو قديمة وشاحبة لكنها كانت أكثر سعادةً وأقلُّ تيقظًا.