كتابة المحتوى مهنة أجرها جيد ولكن لا أحبها، أحب الكتابة الأدبية ولكن أجرها سيء، ماذا أفعل؟

أفضّل الكتابة الأدبية التي تمنح مساحة حرة أكثر للتعبير والشعور

هذا بالضبط ما يجذبني لهذا الخيار، أنني أشعر بأنني حين أكتب أكتب فعلاً لنفسي وأفرّغ أجزاء من نفسي وتخرج بصورة بديعة أهم بكثير من الصورة التي تخرج بها الأمور التي هي صناعة محتوى، حيث أن صناعة المحتوى أعامله معاملة المنتج، أقدم ما يشتغل فعلاً ولكن ليس ما أحب. وأخشى أنني قد أخسر الاثنين في حال بقيت هكذا، المجال الأول بلا مال والثاني بلا شغف.

 فلما لا تعتمد لفترة على كتابة المحتوى إلى أن تصل لهدفك؟

هذا ما فكرت فيه، أن يكون هنالك فترة يعتمد فيها على كتابة المحتوى كمصدر رزق إلى أن يجد فرصته في الكتابة الأدبية كيفما يريد، وبالتأكيد أن كتابة المحتوى بشكل ما ستزيد من خبراته في الكتابة بشكل عام ومن خبراته في توليد الأفكار وفهم الجمهور كل هذا سيمده بخبرات تمكنه من الكتابة الأدبية في المستقبل. ويمكن أن يحاول الكتابة الأدبية والتقدم بما يكتبه للمسابقات الأدبية ويمكن أن يفوز في أحدها وبالتالي سيعود هذا عليه بمبلغ مالي من الجائزة قد يجعله يتفرغ للكتابة الأدبية لفترة حتى ينشر أكثر من عمل ويصل إلى حلمه.

لم أواجه مشكلة الأجور كثيراً خاصة أن منيعملون معي هم من طلبوني لا العكس وبالتالي فرضت تسعيرتي بناءً على رغبتهم وحتى معهم لدي عملاء أجانب أعمل معهم وحسابهم بالدولار فهذا يؤمن لي فارق بفحوة الأسعار كبير أستطيع فيه تأمين حياة كريمة بدون أن أدخل صراعات المستقلين مع الأسعار المطروحة عليهم في السوق الحالي.

هل بالفعل أجور الكتابة الأدبية سيئة والطلب على الترجمة الأدبية نادر، أم ببساطة لم نصل إلى الجمهور المناسب؟!

ألاحظ بالفعل ندرة الطلب على الكتابة والترجمة الأدبية، كما هي ندرة قارئي الكتب خاصة الورقية بين مستخدمي التقنية ووسائل التواصل، فمعظم المطلوب هو كتابة المحتوى خاصة المحتوى التسويقي وريادة الاعمال، سواء بكتابة مقالات تسويقية، او اسكريبتا لفيديوهات وحلقات بودكاست أو ريلز، او غيرها من مجالات تتعلق بالأعمال والشركات والعلامات التجارية، فحتى الكتب ترى الشائع منها هو الكتب الإلكترونية في نفس المجالات والكتب الروائية والأدبية قليلة. هذا في اعتقادي هو تأثير الجمهور على المطلوب في عالم الكتابة، فما يبحث عنه الجمهور يسارع رواد المجال بتوفيره.

المشكلة برأيي بحسب شخص منخرط كان بالأمر بقوة هي منقسمة لقسمين، قسم يتحمل مسؤوليته الشعب وقسم دور النشر في الدول العربية، مسؤولية الشعب هو السرقة، كل هذه القرصنات الالكترونية المبررة (لا أعرف بأي شرع وقانون مبررة) كل هذه السرقات سببت شللاً اقتصادياً لهذه الصناعة. وبالمثل خطأ من دور النشر في عدم الترويج للكتب بمعظمهم وكأنه منتج تجاري وبالتالي غياب ثقافة شراء الكتاب أخيراً وحتى غياب دور النشر عن مسؤوليتها بمحاسبة اللصوص الالكترونيين بالضغط على الدولة لصناعة تشريعات تحميهم

بضمن عصر فيه الصناعة أولوية الأمم وفيه مجتمعات استهلاكية وتحض على استهلاك أعلى ورفع مستوى إنفاق الفرد الواحد من الدخل سنوياً فهذا يعني أننا سنعمل بكل تأكيد دائماً بأمور لا نقدرها كثيراً مقابل الوصول للمساحة الويمية الفارغة التي قد نستطيع ملأها بأمور لها علاقة بشغفنا وحبنا فعلاً.

أوافقك الرأي نظرياً، عملياً من الصعب القيام بهذه الأمور لإنها تحتاج تضحيات كبيرة بالوقت، العمل مثلاً بصناعة المحتوى يأخذ مني مثلاً ٧ ساعات، ألا يجب أن أفسح يومياً للبحث والقراءة والكتابة ٣ ساعات على الأقل لأستطيع كتابة عمل أدبي مكتمل واحد كل سنة؟ ٣ ساعات باليوم يعني ٩٠٠ ساعة بالسنة تقريباً، هذا رقم قليل جظاً لصناعة رواية من ٣٠٠ صفحة

الاستمساك بهذا النهج يعني أكل الوقت كله الذي احتاجه لبناء حياة متوازنة مع عائلتي لتصير حياتي بين عمل مأجور وعمل غير مأجور وهذا غير عملي بالمرة مع كل حبي لمجال الكتابة الأدبية، ولكن هناك أولويات بالحياة وبالتأكيد صحتي النفسية وتوازن البيئة الحياتية الروتينية التي أعمل بها أمر ضروري

الهدف الرئيسي من العمل هو جني المال الذي بدورها ستاعدنا في ممارسة شغفنا

هذا كلام من جملة كلام قد يبدو حقيقي ولكنه لا يشبه الواقع نهائياً، عملية جني المال تجعلك تقع في دوام وظيفي للحفاظ على هذا الدخل أو في تكريس حياة للحفاظ على الثروة وبالحالتين هي ليست طريقة ناجحة ولن تفسح مجال من الوقت لممارسة الشغف، إذاً ما نقوله لا يغدو أكثر من حلم من الصعب تحقيقه، لإن أي شيء لا يمارس كمهنة لا يمكننا التعامل معه كل أسبوع بأكثر من بضع ساعات قصيرة.

بمعنى أن الكتابة الأدبية آخذها برأيك كمشروع طويل الأمد تراكمي؟ وأن الكتابة في المحتوى هي مرحلة تمويل حالية تخص الظروف الحالية والاحتياجات ااجالية التي يمكنني أن أعدلها في أي وقت أريد؟