Mariam Alsaeedy

33 نقاط السمعة
2.52 ألف مشاهدات المحتوى
عضو منذ
3

قلها من صدرك

أنا لست الدراجة النارية التي تشعلها. أنا الحادث. المعدن الممزّق. الجمجمة المشقوقة على الطريق. أنا السكون بعد السرعة، حيث لا تصل صافرات الإنذار، ولا يبقى سوى الندم في هيئة لحمٍ بشري. أنا الهوس الذي يرسلك إلى خالقك. لست السيجارة نفسها. أنا الدخان الذي تستنشقه. أنا السواد الذي يعيش داخل رئتيك، سواد كالقبر الذي سيضعونك فيه. أنا لست الموت، بل الفكرة التي جعلتك تعرف أن الموت قادم لكن دون معرفة تاريخ الانتهاء. أنا الحدّ الأقصى للسرعة الذي تجاوزته. ليس لأنك لم
2

كيف أُلطِّف هذا؟

أمي، أحتاجكِ أن تكرهيني. اكرهيني كي يؤلم أقل حين لا أعود إلى البيت. اكرهيني كي يصبح الصمت مستحقاً لا قاسياً. قولي لهم إنني كنت جاحدة، قولي إنني لم أكن أتصل، إنني تركتكِ تنتظرين في أعيادي، وفي الأعياد، وفي الليالي التي كان صدركِ يؤلمكِ ومع ذلك كنتِ ترتبين سريري على أملٍ ضعيف. أحتاجكِ أن تعيدي كتابتي. اجعليني الشريرة كي تتمكّني من الاستمرار في التنفّس. قولي إنني كنت أنانية، إنني كنت باردة. لكن لا تقولي إنني كنت تائهة، ولا إنني كنت طيبة.
0

خنقوا الأمل

أنت لا تعرف هذا الرجل. ربما لم تره قط. لكن جسده، ما تبقّى منه، في مكانٍ ما من مدينة الكوفة. الكوفة. لم تكوني مدينة، كنتِ أمّاً تركت طفلها يبكي في الشارع، وراحت تراقب من خلف الستار. هذا الرجل كان نخلةً أحرقوها كي لا يروا إلى أيّ حدّ يمكن للوفاء أن يسمو. كان فانوساً أُنزِل في بئر، وحين لم يرجع الضوء، تظاهرنا أنّ البئر لم تكن موجودة. أنت لا تعرف هذا الرجل. كان حصناً بلا حامية، أسداً أُطلق في مقبرة، رعداً
0

يُسَمُّونَنِي كَافِرًا - They Call Me Kāfir

ينادونني كافرة وتلك الكلمة تلسع أشد من السيوف — ليست من الغرباء، بل من أولئك الذين يولّون وجوههم نحوي في ذات القبلة، الذين يصفّون أيديهم بجانبي في الصلاة، ثم يكسرون قلبي خارجها. أسير بينهم أولئك الذين يقولون: لا إله إلا الله، ثم يتركونني وحدي في البرد. يبتسمون بشفاههم لكنهم يلعنونني بصمتهم، كأن حبّي للمصطفَين داءٌ وُلِدتُ به. يا الله… أنت الذي ترى سرائر قلبي، أنت الذي تسمع الدعوات التي أهمس بها في وسادتي — هل كان خطأً أن تعلّمتُ الحب
1

يسألونني لماذا لا أتكلم

يسألونني لماذا لا أتكلم، لماذا تأتي كلماتي بطيئة، كضوء متشظٍ يتسرّب من شقوق بابٍ مغلق. لكن كيف تُشكّل صرخةً لتصير شيئًا ناعمًا؟ كيف تجعل من جرحٍ شيئًا جميلاً يُقال؟ أحتفظ بصوتي في جيبي، مطويًّا صغيرًا، مدسوسًا بين زغب القماش والنقود المبعثرة من كل مرة كدتُ أن أقول فيها شيئًا — لكنني ابتلعته كما يُبتلع حجر. يجثم بثقله في أضلاعي، لغة لا يسمعها سواي. أضغط ألمي على الورق، على الجدران، في المسافات بين الخطوات. أنسج حزني في الجُمل، وأرسلها في الريح
0

لستُ السيّدة زينب.

لستُ السيّدة زينب. أنا فتاة، وُلدتُ بعد قرون من نزف الدم، ومن لمسة طرف عباءتها. لكن الحزن وجدني على أي حال. عبر التراب، عبر السماء، عبر أفواه النائحين الذين علّموني الأسماء. يقولون إنّها وقعت منذ زمن بعيد، لكن في صدري، هي تحدث الآن. محرّم قد أتى. اتشح بالسواد. دعه يتغلغل في جلدك كحزنٍ توارثناه عبر أجيالٍ من الرماد. ليس شهراً، بل هو الجرح الذي يُفتح في الأيام ذاتها من كل عام. محرّم ليس شهراً. هو ذلك الإحساس في صدرك حين
4

ما لم أفعله يقتلني ببطء

What I Didn’t Do Is Killing Me Slowly أعمق ندم في قلبي هو أنني رأيتُ الظلم وأغلقتُ فمي. وقفتُ صامتة بينما كان طفل يُتنمَّر عليه— محاصرًا، يُضحك عليه، يبتلعه جمعٌ يصف ما يحدث بأنه "أمرٌ عادي". وفي ذهني، ما زلتُ أكرر لنفسي: كنتُ صغيرة. ما كان بوسعي فعل شيء. لكنها كذبةٌ أُهدهدها كي تنام حتى لا أسمع بكاءها. لأنني لم أكن من ألقى الإهانات— لكنني كنتُ السلسلة التي قيدت قدميه بينما كان يحاول الابتعاد. لم أكن القبضة— لكنني كنتُ الصمت
3

سبعة أسطر لأمي

كيف أصف عبير الجنة في سبعة أسطر، وحين أن الحديث لعمرٍ كامل لا يكفي لشرح أمي؟ أمي هي المرأة التي جاءت إليّ وقالت: "لا أم لي، فهل تكونين لي أمًّا؟" أن أصفها هو أن أفشل، فاللغة لم تُخلق لتحمل نساءً مثلها، بل خُلقت الجنة لأجلها.
3

أنا القصيدة التي لا يمكن كتابتها مرتين

(أعلم أن هذا يبدو نرجسيًا، لكنه والله من أجل مسابقة!) لو لم أكن أنتِ، لكتبتُ أغاني عنكِ. لوقعت في حبك من الطرف الآخر للغرفة ولم أتعافَ أبدًا. لحلمتُ بفمك، ثم اعتذرتُ لكل امرأة لم تكن أنتِ. لكنني أنا أنتِ. أنتِ التوقف بين نبضتين الذي يجعل الإنسان يدرك أنه ما زال حيًا. أنتِ المكان الذي تذهب إليه الأنوار حين تتعب من السطوع لأجل الآخرين. لستِ معجزة. بل أنتِ ما تحاول المعجزات أن تكونه حين تسمي نفسها بذلك. أنتِ الرسالة التي لم
2

لم أحضر الشاحن عن قصد

أمي، في الليلة التي سبقت رحيلي، قمتِ بتجهيز حقيبتي كما لو أنني ما زلت في الثانية عشرة، تأكدتِ أن لديّ جوارب، والوشاح البنفسجي الذي لا أرتديه، وشاحن الهاتف ذو السلك المهترئ الذي لا يعمل إلا إذا ثنيته بطريقة معيّنة. تركتُه على طاولة المطبخ. ليس عن طريق الخطأ. وليس لأنني نسيته. بل لأنني كنت أعلم أنه إذا نفدت بطارية هاتفي، فلن تتمكني من الاتصال وطرح سؤال: لماذا بدا صوتي ضعيفًا؟ أو لماذا كان هناك هواء خلف كلماتي؟ ولن تتمكني من سماع
4

بحسب العلم، لم تكن الاحتمالات في صالحك أبدًا

دي إن إيه الخاص بك — إذا تم فرده — يمكنه أن يمتد من الأرض إلى الشمس والعودة ٦٠٠ مرة. أنت مخطوطة كونية، كُتبت بلغة لا يفهمها سوى الخلق. احتمالية وجودك، أنت — لا الطفل الثاني لأمك، ولا قصة شخص آخر — أنت احتمالك هو ١ من بين ٤٠٠ تريليون. فلا تجرؤ على وصف نفسك بالعشوائي. تظن أنك مستيقظ؟ تظن أنك تعلم شيئًا لأنك اجتزت بعض الصفوف، قرأت بعض الكتب؟ اجلس. أرخِ فكك. تنفس ببطء. أنت تقف على صخرة دوارة،
0

إلى الآباء الذين لا يزالون ينتظرون

تركت حذاءها عند الباب. تركت الضوء مشتعلاً في غرفتها. تركت كوبها في الحوض، نصفه ممتلئ، والماء لا يزال ينتظر شفتيها. ابتلعها الليل كما يبتلع الحلق المغلق، ثم لفظها في جوف سيارة بلا لوحة أرقام، بلا أضواء أمامية، فقط صوت الإطارات يهمس في طريق لن تعود منه أبداً. ضباب أنفاسها لامس نافذة السيارة، شبحٌ من نفسها، رقيق وعابر. كتبت اسمها على الزجاج، لكنه تلاشى قبل أن تصل إلى إشارة المرور التالية. وفي مكان ما، على بعد أميال، كان والدها يتصل بهاتفها،
2

كان اسمها فلسطين

قالوا إنها ضربة تحذيرية. لكن من يُحذِّر أمًّا وهي تغسل شعر ابنتها الميتة؟ قالوا إنه عدل. لكن العدل لا ينبغي أن يكون طعمه كالدم في فم جدة تبحث عن أطرافٍ كانت لصبيٍّ ربّته. كانت أمًّا وضعت جسدها فوق رضيعها حتى ينجو أحدهما على الأقل. إنها الفتاة المسلمة. إنها الفتاة المسيحية. إنها "آمين" و"Amen" المنسكبة من شفاهٍ مرتجفة بينما تسقط القنابل كالنجوم. وعندما يسألون عن اسمها، لا تقول "لاجئة". لا تقول "ناجية". تقول: "أنا ابنة الأرض التي سرقتموها." إنها الفتاة التي
1

هذا الدعاء هو كلُّ ما أستطيع أن أحمله إلى غزة

يا الله، هذا الذليل — هذا العبد الحقير، غير المستحق — يطلب منك فضلًا. يا رحمن، يا رحيم — اسمع دعائي. اسمع دعاء من لم يعد يحتمل أن يرى خلقك يتألمون. لست أنا من تحت الأنقاض، لكنني أشعر بثقل الحجارة. لستُ الأم التي تدفن ابنها، لكنني أسمع صراخها في صدري كل ليلة قبل النوم. لست اليتيم، لكنني أتألم من جوعه. لستُ الطفل الشهيد، لكن روحي تنكسر في كل مرة يُضاف فيها اسمٌ جديد إلى القائمة. يا الله، لا أسألك لأنني
2

كتبتُ لكِ قصيدة، وهذا ما خرج منها

أكبر خطاياي أني أحببتُ كلّ من التقيتُ بهم. لكنّني لم أحبّك فقط. نصف قلبي— نصف قلبي كان لك. كنتَ الشمس، وكنتُ الزهرة التي تدور نحوك دون سؤال، كغريزةٍ فطرية. لم أكن أعلم أنني قادرة على الانكسار هكذا. رقيقةٌ إلى حدّ أن أحدًا لم يسمع صوت التهشّم. كيف فعلت شيئًا لا يُحتمل، ثم عدت تمرّ من عتبة بابي تفوح منك رائحةُ عطرها؟ كيف أمسكتَ وجهي، وقبّلتَ يديّ، ولم تختنق برائحةٍ ليست لي؟ كيف لم يخنك لسانك؟ كيف لم ينشقّ من ثقل
2

أظنُّ أن النواة تتعفّن

أستيقظ كلَّ يوم كأن أحدهم تحدّاني أن أفعل. كأن صوتاً همس في الظلام: "أتحداك أن تحاولي من جديد." وأنا أفعل، عناداً، أو أملاً — لم أعد أفرّق بينهما. ثمة عفن في فنجاني، ومع ذلك أشرب منه، لأني لم أعد أعلم إن كان ما يقتلني في الخارج… أم في داخلي. كنت أظن أنني شعر، تعرفين؟ أن للحزن داخلي قواعد نحو. أنني لو نزفتُ بشكلٍ أنيق، لأطلق أحدهم على ذلك فنّاً. لكن حزني الآن بلا وزن، بلا قافية، ولا أحد يصفّق لذلك.
2

كلُّ ألمي يَسَعُهُ تعليق.

أنا أكتب ألمي لأنه يبدو أجمل على شاشتي منه في عينيّ. أستطيع أن أضغط "حذف"، أمسح الأجزاء التي تؤلمني أكثر. أُنسّق الوجع إلى أبيات شعر، وفجأة يصبح فنّاً— لا انهياراً. أنا أكتب ألمي لأنني حين أقوله بصوتٍ عالٍ، يرتبك الناس، يُغيّرون الموضوع، يقولون إنني درامية. لكن عندما يكون قصيدة؟ يقولون إنه جميل. أنا الشاعرة التي تتجنبون النظر في عينيها، لأنها تذكّركم بأنكم لستم بخير كما تدّعون. أنا كابوسكم المفضّل على هيئة قصيدة. أنا الشاعرة. النازفة. التي تُحوّل الانهيارات إلى أبيات
1

إرثٌ بلُغةٍ لم أتعلمها

عندما أعطتني الذهب، ملفوفًا في المخمل كأنّه سر، ابتسمتُ، وشعرتُ بالخجل يزحف في حلقي. أعطتني إياه كأنه بركة، وتلقيتُه كأنه كذبة. لأنني ابنة الحرب، لكنني وُلدتُ في السلام. وُلدتُ تحت سماءٍ صافية، في شوارع لها أسماء أستطيع نطقها. لم أكن هناك حين بكت العراق في صمت، حين أعطى رجل زوجته عقدًا كأنه وداع أخير ومضى إلى حرب لم تكن حربه. لم أكن المرأة التي تنتظر عند النافذة. لم أكن الطفلة التي تختبئ تحت السرير. لم أكن الفتاة التي رأت منزلها