أمي،

في الليلة التي سبقت رحيلي،

قمتِ بتجهيز حقيبتي

كما لو أنني ما زلت في الثانية عشرة،

تأكدتِ أن لديّ جوارب،

والوشاح البنفسجي الذي لا أرتديه،

وشاحن الهاتف

ذو السلك المهترئ

الذي لا يعمل إلا إذا ثنيته بطريقة معيّنة.

تركتُه على طاولة المطبخ.

ليس عن طريق الخطأ.

وليس لأنني نسيته.

بل لأنني كنت أعلم

أنه إذا نفدت بطارية هاتفي،

فلن تتمكني من الاتصال

وطرح سؤال: لماذا بدا صوتي ضعيفًا؟

أو لماذا كان هناك هواء خلف كلماتي؟

ولن تتمكني من سماع

الفراغ بين الجمل،

أو كيف أن صمتي

كان له ثقل هذه المرة.

أظن أن أكثر ما يؤلمني

هو كم مرة أخبرتني فيها

أنني أقوى من هذا.

أنتِ لا تعرفين كم أصبحت تلك الجملة ثقيلة،

عندما كنت أرغب في الموت

لكنني لم أفعل،

لأني لم أرد أن أخيّب ظنك.

لم أرد أن أكون السبب

في أن تهمسي في الهاتف قائلة:

"لم نكن نتوقع هذا."

رغم أنني

كنت واقفة أمامك طوال الوقت

ويداي ممتلئتان بالدخان

منذ سنوات.

لكنني مرهقة، يا أمي.

ولست مرهقة من قلة النوم،

ولا مرهقة من التغيب عن الصفوف،

بل مرهقة وكأن

قلبي مصباحٌ كهربائي

يرتعش منذ سنوات

ولا أحد جلب سلّمًا لإصلاحه.

مرهقة،

وكأنني أضبط المنبه كل ليلة

لأقنع نفسي

أنني أنوي الاستيقاظ.

مرهقة،

وكأنني أُمشط شعري

رغم أنني لا أنوي مغادرة المنزل،

فقط لأبدو بخير

لو وجدني أحدهم.

لقد كتبت "وداعًا"

في دفاتر لم تعثري عليها.

تمرّنت على الصمت

بإتقان

حتى ظننتِ أنني أتعافى.

هل تتذكرين يوم تعطّل المايكروويف؟

ذهبت إلى غرفتي،

حبست أنفاسي لدقيقتين،

ثم بحثت في غوغل:

"ما أسهل طريقة للموت دون ألم."

ومسحتُ السجل

لأني كنت أعلم أنك ستتفقدينه.

لم أخبرك

أنني في التاسع من مارس

عدَدتُ حبات الإيبوبروفين في الخزانة

وأنتِ في درس اليوغا.

أو أنني في آخر مرة عانقتكِ فيها

أغمضتُ عيني

وحاولت أن أحفظ شكل كتفك.

وصلت إلى محطة الاستراحة

بعد المخرج 48 —

التي فيها آلة بيع

أخذت آخر دولار لي في الصف التاسع.

جلست تحت ضوء الحمام المرتعش

وراقبت قطعة الشوكولاتة

تعلق مجددًا.

لم أحرّك الآلة.

بل حدّقت فقط

في تلك القطعة الغبية من "سنيكرز"،

وكأنها قد تقرر

ما إذا كنت سأعيش أو أموت.

حدّقت في البلاط الأزرق

حتى أصبحت رؤيتي بيضاء.

ليس من البكاء.

بل من نسيان الرمش.

أرسلتِ لي رسالة:

"لقد نسيتِ الشاحن."

لم أجب.

فقط ضغطت زر الإغلاق

وتركت الشاشة تُظلم.

مثلي تمامًا.

لم أحضر الشاحن عن قصد.

كنت أريد أن أرى

هل ستلاحظين

قبل أن تموت البطارية.

قبلي.

عدت إلى البيت.

ليس لأن الأمور أصبحت أفضل،

بل لأن قطعة السنيكرز لم تسقط،

وظننت

ربما

أن هذا يعني

أنه عليّ أن أظل واقفة.

الحقيقة يا أمي،

أنني تركت قطعة شوكولاتة

تقرر ما إذا كنت سأعيش أو أموت.