أهَدى إلي قبل عام شخصٌ عزيز علي وقريبٌ من قلبي كتاباً. واذ بهذا الكتاب ديوانُ شعرٍ للشيخ الغزالي[1] - رحمه الله -، لم أهتم كثيراً للكتاب لأني لم أسمع أي شعر من هذا الشيخ كما لم أقرأ له في حياتي كلها وبالكاد أعرفه أو أسمع عنه، وكوني غير مهتم كثيراً بالشعر ذو الصبغة الدينية الا ما ندر منه أو قوي؛ فتركته على حافة المكتبة علي أعود اليه لاحقاً أو أتذكره فأقرأه في مناسبةٍ أخرى.
مضى عام على ذلك وقبل شهر تحديداً تذكرت الكتاب وانا أرتب بمكتبتي الصغيرة فقررت قرائته نظراً لصغر حجمه وانتهائي للتو وقتها من لعنة كتاب "الشعر والذاكرة" وأبرهن لنفسي أني قادر على إنهاء أي كتاب اذا كان مضمونه مما تستهويه نفسي أو يلين له قلبي.
المشكلة ظهرت أبعادها في عمق أكبر من كونه مجرد كتاب شعر به موضوع لا أرغب الخوض فيه. اذاً ما الذي حصل؟ كرهت الكتاب وكرهت نفسي وكرهت كل من حولي بسببه، لم أعد أفكر في أي شيء سوى بإنهاء هذا الكتاب والذي شعرت بكل ثانية تمضي أثناء قرائته، حسناً وقد تسأل الآن ما الذي حصل؟ فأخبرك التالي:
أولاً: عقدة حرف الياء عند أخواننا من مصر.
الكتاب ومع أنه ديوان للشيخ الغزالي وهو من نشره إلا ان له محقق!. ما يعنينا هنا ان محقق الديوان وهو الدكتور مصطفى الشكعة لا يستخدم حرف الياء مطلقاً. كيف ذلك؟
من أول الكتاب الى آخره لا يوجد حرف الياء في أواخر الكلمات بشكل مثير للتعجب. بداية ظننت أنني من أخطأ النظر ولكن لا، الدكتور لا يستخدم حرف الياء سواء في نثره وسرده سواء في اقتباسه من أشعار الآخرين وختاماً نقلاً عن أشعار الغزالي نفسه.! ليس الاشكال بالحرف نفسه وانما ان علي ان أقوم بقراءة الكلمة مرةً بالياء وأخرى وبالألف حتى يستقيم المعنى.
ثانياً: حشوٌ في الكتاب أو كتاب الحشوٌ.
الكتاب به حشو لا طائلة منه، ثلثي الكتاب مجرد سرد واعادة قص ولصق لأشعار متأخرين من العلماء والأئمة أمثال الشافعي وابن حجر ونحوهم (نعم في ديوان ينبغي أن يكون للغزالي). شعرهم في التصوف، شعرهم في الغزل العفيف، شعرهم في الخوف من الله ... الخ قصائدهم بها من البلاغة ما بها الا ان هدفي لقراءة الكتاب ليس التعرف على قصائد الشافعي مثلاً انما قصائد الغزالي. ناهيك عن تعليق المحقق على كل شعر ووصف مدى روعته وبلاغته الخ الخ..
لا تنتهي مرحلة الحشو عند هذا الحد انما تتعداه لأن تقرأ ديوان الغزالي مرتين، مرة مع تعليق المحقق على كل بيت أو مجموعة أبيات والثانية سرد للقصائد مرة واحدة وهذا الجزء في آخر الكتاب.
انا قسمت الكتاب الى ثلاث أجزاء:
الأول وهو الشعراء السابقين.
الثاني وهو تعليق المحقق.
الثالث الديوان نفسه.
ثالثاً: عملية فك طلاسم الكتابة.
اذا كانت الأجزاء السابقة قد لا تثنيك عن القراءة فهذا الجزء سيفعل ذلك ثق بي تماماً.
هذا الجزء وهو الجزء الثالث من تقسيمتي للكتاب وبه الديوان الأصلي للشيخ عبارة عن كلام غير مفهوم مطلقاً. حسناً انا أعزو الأمر باللوم علي أنني ضعيف بالعربية ونحوها، ولكن مهلاً أقرأ كثير من أشعار عنترة، المتنبي وغيرهم ولا يتملكني الغضب كما تملكني في قراءة هذا الديوان.
بعد أول قصيدة قرأتها وكانت بعنوان "الحياة الأولى أو نحو المجد" شعرت بشعور غريب كان مزيجاً من الجهل المطقع مع قلة الإدراك وقليل من التبلد. إلا انني بعد ثاني قصيدة وعنوانها "الخمر الإلهية 1" أيقنت ان الخلل ليس فيّ انا انما في الكاتب، وبعد انتهائها كتبت بعد القصيدة:
حقيقةً لم أفهم شيء. هكذا تمضي بك القصائد من موضوع لآخر تقرأ العنوان لترى شيء مغاير أبيات غير مترابطة وكلمات ليست في محلها والشطح بعيداً عن موضوع القصيدة!. يتملكك ذلك الغضب العارم الذي تريد فيه أن تضع الكتاب جانباً وتنسى انك كنت تقرأ فيه أو تملكه حتى، كشعورك هنا عندما تصاب بخيبة أمل من كتاب لمحتواه وتقرر أن لا تكمله.
كابدت نفسي حتى أنهيته في يومين أو ثلاث لا أذكر وبعدها أصابتني صدمة عصبية ما خرجت منها الا بجرعة مركزة من الشعر الجاهلي وخاصة جرعتك يا "أمرؤ القيس"
ككلمة أخيرة.
انا قرأت ثلثي الكتاب فقط، الثلث الأول والأخير. ولم أستطع قراءة الجزء الأوسط والذي يحوي على تعليق المحقق.
ولك كلمة أنك اذا كان الديوان لديك وتنوي القراءة فافعل فلن أمنعك ولكن توقف فور انهائك للصفحة 39 وأقنع نفسك ان الكتاب انتهى فبها ينتهي القسم الأول كما قسمته، والحق يقال: فيه أشعار بالغة الوصف خاصة عندما تعرج على قسم الغزل العفيف. واذا كنت لا تملكه فلا تشتريه ووفر نقودك لإقتناء شيء قيم أكثر ويدر عليك بنفع أكبر.
ووالله أنا لا أقصد الإهانة لشخص الشيخ أو المساس به - رحمه الله - فأنا لا أعرف عنه الا اسمه وانما هذا مجرد رأي للديوان الذي نظمه.
[تعديل 1]: لربما/وأني بالغت في السرد ووالوصف فلا تأخذ الكلام بمجمله على محمل الجد.
التعليقات