"هذه الحياة لم تُخلق لي" عبارة  قالها دوستويفسكي في أحلك رواياته، عبارة من العبارات التي تربت على قلوبنا المهزومة في كل نهاية ديسمبر لعام مثقل بالفشل والآلام كأعوامنا الأخيرة، تراودنا في كل مرة نفكر فيها بهواجس وشكوك، في هل نستطيع أن نمضي قدما؟ وأغلبنا تكون إجابته: ليس لدي الشجاعة لأي شيء.

أفكر مليا في ماهي الشجاعة، وإذا كانت الحياة فعلا كما قال دوستويفسكي لم تخلق لنا، فلمن خلقت ومن يستحقها ؟

تعجبني رؤية سقراط وأرسطو للشجاعة، من حيث القدرة مواجهة المخاوف، وهذا عكس ما يظن الأغلبية، في أن الشجاعة أن أبدو قوياً ومقدام طول الوقت، على العكس، أحيانا تكون قمة الشجاعة أن أقبل بأن أكون الأضعف أو الأسوء وتلك هي القوة، قمة الشجاعة أن نختار الإكمال في حياة مريرة ونواجه مشاكلها بضعف وغباء حتى نقوى ونتعلم بدل أن نختار الانتحار والموت هربا من المواجهة، من الشجاعة أن نستسلم ونرحل عن حبيب خان أو علاقة لا تشبهنا بدل من السعي في تغييرها أو جعلها تنجح بالقوة، من الشجاعة أن نغير حلمنا أو وظيفتنا أو بلدنا إذا كانت متعبة لنا، من الشجاعة أن أقول أنا مخطىء وأراجع أفكاري وقناعاتي وأكون أول من يقر بضعفي.

أعترف أنني لم أكن شجاعة بما يكفي في الحياة في أحيان كثيرة، لأني كنت أظن أن الشجاعة أن تكون مثاليا وقويا وغير قابلا للكسر، لكني أدركت أننا يجب أن نخاف من الشجاعة بنفس القدر الذي نخاف به من الجبن، إذا أسأنا فهم معناها الحقيقي فهي أسرع طريق للبأس والتعس.

أخبرني بصراحة: هل لديك ما يكفي من الشجاعة كما ينبغي لها أن تكون؟ وماهي الشجاعة الحقيقية بالنسبة لك؟