ماذا تعني بالضبط عندما تقول [ .. ] ، لنتعمق في الفهم قليلا ..

صحيح فهو تعريف مميز لكل شخص حسب تلك المعايير و الظروف و فيه تخصيص و نوعية أكثر و لكنه لا يكفي لأننا مهما كنا متمايزين سنبقى مرتبطين بشكل ما بإنسانيتنا المشتركة ، و لذلك حسب رأيي و المستقى من طرحك آنسة وفاء أعتقد بأن [ الأنا ] عبارة عن صنفان .. ( الأنا الفردانية الخاصة ) المقتصرة على ما ذكرت أنت .. و ( الأنا الإنسانية ) التي نشترك فيها جميعا .. و هناك صنف جديد لا يعرفه الكثير و يعرفه الفلاسفة العميقون و هو ( الأنا الكونية ) بمعنى أن تعريف الأنا هو كل شيء موجود سواء كان داخلنا أو خارجنا سواء كان أرضيا أو فضائيا بمعنى أننا نؤثر في كل شيء و نتأثر بكل شيء و لذلك كل شيء هو جزء منا و نحن جزء من كل شيء ..

بالرغم من أنه يفتقد إلى معلومات أعمق وأكثر تعقيدا لوصف ذواتنا بدقة أكثر (كمفضلاتنا، رغباتنا، ما نحب وما نكره، طريقة حديثنا، كيف نمشي، كيف نعبر عن حبنا أو كرهنا لمواقف أو أشياء....)،

بل أن تحليله هو ما يعطينا نبذة عن تلك المعلومات العميقة التي تميزنا عن غيرنا، عندما أعلم اسم شخص ما ومكان نشأته مثلا فأنا أعرف إلى أي عيلة ينتمي وبالتالي يمكنني تخمين شخصيته وأسلوبه وحتى هدفه أو ما يفضله، لأن البيئة والأسرة مؤثران قويان في تشكيل هوية الإنسان بكل جوانبها، وهي ما تخلقه على الصورة التي هي عليه ويستمر عليها إلا إذا قرر الخروج عنها.

تعريفك رائع و يقترب من الدقة أستاذ ياسر ، أنت تشير بشكل ما إلى أن [ الأنا ] على حقيقتها أكبر من كونها ( الأنا المحدودة ) و التي تقتصر على تلك المواصفات و المميزات المرتبطة بالمكان و الزمان و الظروف التي ولد و ترعرع فيها ذلك الإنسان الذي يرغب في معرفة من يكون ، لأن ذلك الإنسان لو نظرنا إليه كجسد فهو مترابط عبر سلسلة من الولادات التي حصلت منذ ظهور أول بشري على سطح الأرض ، و بالتالي حتى قولنا أن للإنسان ( إسم ثلاثي ) هو قول مجحف و غير كامل لأنني كشخص لدي آلاف الأجداد و الأسلاف و إسمي مرتبط بأسمائهم على شكل شجرة نسب ، و أسلافي لديهم آلاف الروابط المشتركة و التي أنا مرتبط بها أيضا ، و لذلك لو نظرنا إلى الحقيقة سنجد أنني كبشري أشترك مع جميع البشر في ( أب واحد و أم واحدة ) ، و منهما بدأ التكاثر و التفرع البشري و ظهرت الأعراق و تمايزت بفعل ظروف متنوعة ، و هذا يدل دلالة لا غبار عليها بأن المكان مثلا يساهم في تكوين ملامح و شخصية الإنسان و الدليل لو أننا أجرينا مقارنات بين سكان الصحاري ذات المناخ الحار مع سكان التلال ذات المناخ الرطب سنلاحظ فروقات واضحة ليست شكلية فقط بل حتى فروقات شخصية سلوكية ترتبط بطرق الكلام و التصرف و التفكير و ما إلى ذلك ، و هذا دليل على أن الإنسان يتأثر ببيئته و يتأثر أيضا بأجداده و أسلافه الذين عاشوا في بيئات مختلفة و مغايرة عبر مر العصور .. يمكننا القول بكل تأكيد أن الأنا متصلة بكل زمان و مكان و بكل شيء تتأثر و تؤثر .. بعد الخالق ليس فقط أبوك و أمك و عائلتك هم من ساهموا في تكوينك و إيصالك إلى ما أنت عليه بل كل شيء خلقه الخالق له دور في نموك و إيجادك و دفعك إلى البحث عن ( أناك الكاملة ) سواء شعرت بذلك أو لم تشعر ..