ما هي الحقيقة في ضوء النظرية النسبية؟
هل الوجود موجود كما ندركه؟ في أغلب الأوقات يعد هذا تساؤل بديهي، نعم السماء زرقاء والعلقم مر، والعسل حلو، والجمادات الصلبة لا تتحرك، والجدران صماء.
كان هذا هو الاعتقاد السائد حتى حطم "آينشتين" بمطرقة النسبية فكرة اليقين والمطلق، وأثبت لنا أن إدركنا قاصر وتصورتنا مجرد وهم وخيال.
الحقيقة أننا أحياناً نرى الوجود مشوه، وأحياناً أخرى لا نراه، والأدهى إننا نرى أشياء لا وجود لها. إننا نرى الضوء أبيض ولكن إذا قمنا بتحليله بمنشور زجاجي نتبين أنه يتكون من سبعة ألوان، ونرى الحقول باللون الأخضر، ولكن فى الحقيقة لاوجود للألوان من الأساس، فالألوان هي مجرد ترددات وأطوال موجية، ولكن عيوننا غير قادرة على فهم هذه الترددات فتترجمها إلى ألوان. ونرى الحقول باللون الأخضر، لأن أوراق النباتات تمتص كل أمواج الضوء ماعدا هذه الموجة ذات التردد المعين فيقوم الجهاز العصبي بترجمتها إلى لون أخضر.
كما يمكننا رؤية الماضي السحيق فإننا حين ننظر إلى السماء و نرى نجم يبعد عنا مليون سنة ضوئية، فإننا فى الواقع نرى فقط الضوء الصادر من هذا النجم منذ مليون عام. أي أننا نرى ماضي هذا النجم و ربما يكون هذا النجم الآن اختفى ولا وجود له، أو تحرك إلى مكان آخر فى أطراف المجرة .
والكون مؤلف من ذرات تتكون من نواة وتدور حولها إلكترونات بسرعات هائلة ويفصل بين النواة والإلكترونات مسافات شاسعة. إذن ما نراه جماد ساكن هو في حالة صخب وضجيج هائلة، وما نراه مصمت في الحقيقة تتخلله مسافات شاسعة، ولكن حواسنا القاصرة لا تدركها .
ناهيك عن تصوراتنا للزمان والمكان والتي تحتاج إلى مقال منفصل حتى لا نقع في التبسيط المخل، وحتى لا نطيل في هذه المساهمة.
هل في هذا الحالة يوجد حقيقة؟ ما هو معيار الحقيقة إن وجدت من وجهة نظركم، إذا كنا نرى الماضي ونرى ما لا وجود له ولا نرى ما هو موجود بالفعل؟
التعليقات