في السنوات الأخيرة، راجت كثيرًا نصائح من نوع: “تخطَّ… تجاوز… انسَ وابدأ من جديد.” لكن حين نتأمل النفس البشرية بعمق، يظهر سؤال مشروع: هل الإنسان قادر فعلًا على أن “يتخطى” الأزمات النفسية؟ هل يستطيع أن يطوي صفحات الألم كأن شيئًا لم يحدث؟ الألم النفسي، على خلاف ما يُظن، أكثر فتكًا من الألم الجسدي، وغالبًا ما يكون السبب الجذري وراء أمراض واضطرابات بدنية يصعب تفسيرها طبيًا. الخيانة، الفقد، الفراق، الخذلان… ليست مواقف عابرة، بل تجارب تُعيد تشكيل الشخص من الداخل. من
هل تقتصر الدراسة على كونها وسيلة للتوظيف
عندما دخلتُ قسم الفلسفة، شعرت بحزن عميق لأنني لم أحقق حلمي بالدخول إلى القسم الذي كنت أرغب فيه بسبب الظروف. تمنيت كثيرًا أن أترك هذا القسم أو أن أحول إلى قسم آخر، ولكن الظروف منعتني من ذلك. لم أحب هذا القسم أبداً، لكنني استمريت فيه وتخرجت منه. مرت تسع سنوات على تخرجي، ولم أحصل على وظيفة بعد، لكنني وجدت أشياء كثيرة في هذا القسم. فتحت لي أبواب الفكر والتحرر العقلي. لم أبقَ أسيرة للعادات والتقاليد، ولم أرضَ بالتسليم الأعمى إلا
من المتحكم الأنسان أم المادة؟
قد لا نجد جوابًا ثابتًا لهذه الأسئلة الكبرى: هل الماديات تتحكم بالإنسان أم الإنسان هو من يتحكم بالمادة؟ هل المال وسيلة أم غاية؟ هل المتحكم بالعالم هو الإنسان أم المادة؟ لكن الواقع يجيبنا بشكل غير مباشر، وبصوت مرتفع: نعم، المال بات متحكمًا بالإنسان. فالإنسان اليوم يمضي معظم وقته في العمل، يسعى خلف المال، يخطط له، يخاف من نقصه، ويقيس نجاحه بمقداره. لم يعد المال وسيلة للعيش فقط، بل أصبح غاية قائمة بذاتها، وأصبح وجوده أو غيابه يتحكم في المشاعر والعلاقات،
هل المعاناة تولد الخير أم الشر؟
منذ اللحظة الأولى التي يُولد فيها الإنسان، تبدأ رحلة المعاناة وتقبّل العيش مع واقعٍ لم يختره. تبدأ الحياة، وتبدأ معها ملامح اللاعدالة: فثمة من يولد في بيئة سليمة، وآخر في بيئة قاسية وظروف مُؤلمة. هذه الظروف تُولِّد الألم… ولكن: هل يستطيع الإنسان تحمّل هذا الألم؟ أم أنه ينخر في أعماقه، ويُغيّر طباعه وتوجهاته؟ وهنا يبرز السؤال: هل المعاناة تولد الخير؟ أم تُنتج الشر؟ لقد تعدّدت آراء الفلاسفة في هذا السؤال: فمنهم من قال ان المعاناة تولد الخير مثل نيتشه الذي
تقبل الآخر
في هذا الكون الواسع، وعلى كوكب الأرض تحديدًا، يولد البشر بألوان وأشكال مختلفة، ولغات متنوعة، وديانات وثقافات متباينة. والإنسان بطبعه كائن اجتماعي لا يستطيع العيش في عزلة منفردة، إذ تفرض عليه متطلبات الحياة أن يختلط بالآخرين، فيبني مجتمعًا قائمًا على التفاعل والتكامل. ولذا، فإن تقبل هذا التنوع والتعايش معه بسلام هو ضرورة ملحة. فلا ينبغي أن نسمح للاختلافات الفردية أن تتحول إلى أسباب للعداء والكراهية، فتولد العنصرية والطائفية، وتتسب بأراقة دماء الأبرياء وتزرع الظلم والتفرقة. بدلاً من ذلك، علينا أن
هل الأنسان مسير ام مخير؟
هذا السؤال من أقدم وأعمق الأسئلة الفلسفية التي شغلت عقول الفلاسفة، والمتكلمين، وعلماء النفس على مر العصور. فمنهم من يرى أن الإنسان مسيّر، فما هو إلا نتاج لطفولة لم يخترها، وبيئة عاش فيها، ودين لم يختَرْه، واسم لم يختره، وحتى الزمن الذي وُجد فيه، لم يكن من اختياره. الفلاسفة الجبريون يرون أن الإنسان مسلوب الإرادة، وأن كل أفعاله نتيجة لحتميات سابقة: بيولوجية، اجتماعية، ونفسية. مثلًا، يرى “ديفيد هيوم” أن حرية الإرادة مجرد وهم. أما الفلاسفة الحرّيون، فيؤمنون بحرية الإرادة. مثل
معنى الهوية في عالم متغير
في هذا العالم المتغيّر، يبقى سؤال الهوية من أكثر الأسئلة تعقيدًا وإثارة للتأمل: هل الإنسان يخلق هويته بنفسه؟ أم تُفرض عليه منذ لحظة ولادته؟ الهوية ليست قالبًا واحدًا، بل هي مزيج متداخل من الطباع، واللغة، والبيئة، والعادات، والتقاليد، والمعتقدات الدينية. بعض هذه المكونات نولد بها، كصفاتنا الوراثية وطباعنا الفطرية، بينما البعض الآخر نكتسبه عبر الزمن، من خلال التنشئة الاجتماعية والتجارب الشخصية. غالبًا ما ينشأ الإنسان داخل مجتمع يحدد له شكل حياته: كيف يفكر، كيف يشعر، وكيف يتصرف. يتبنى عادات لم
الوحدة أن تكون بين الناس ولاتكون معهم
هناك فرق كبير بين أن تكون وحيدًا، وأن تشعر بالوحدة. فالشعور بالوحدة وسط الزحام مؤلم جدًا، قد يكون الإنسان محاطًا بالكثير من الناس، يعيش معهم، ينتمي إليهم، لكنهم لا يعرفون من هو حقًا. يعرفونه من خلال المظهر، لا من خلال الجوهر. لا أحد منهم يستطيع الوصول إلى سلسلة أفكاره، ولا أحد يلامس ما في قلبه. لا يستطيع أن يبوح لهم بأسرار روحه، لأنهم بعيدين جدًا عن عمقه. هذا الشعور كفيل بأن يحطم عقله كل يوم، إنها وحدة من نوع آخر…
معنى النجاح في مجتمع سطحي
هل النجاح يُقاس بما نملك؟ أم بما نكون؟ كيف تحوّلت القيم إلى أرقام، والمبادئ إلى مظاهر؟ كيف أصبح المجتمع يطمس هوية الإنسان، ويعجز عن رؤية قيمته الحقيقية؟ لماذا لا يرى الناس الجوهر، بل ينشغلون بالطلاء الخارجي ؟ هل أصبح النجاح اليوم مرهونًا بالمادة فقط؟ لماذا أصبح الطلاء الخارجي هو الأساس، والجوهر مهملًا؟ هل تركيبتنا المادية أقوى من أرواحنا؟ هل فُرضت علينا نظرة سطحية حتى صرنا ننسى أنفسنا ونتصالح مع زيفنا؟ لقد طغت الماديات على كل شيء… حتى باتت قيمة الأشخاص
الشر المقنع
صراع الخير والشر مستمر منذ بدء الخلق، وسيبقى حتى النهاية. لا يمكن لهذين النقيضين أن يلتقيا، فإما أن تكون أفعال الإنسان نابعة من الخير، أو من الشر. لكن، هل هذا الشر دائمًا واضح للعيان؟ كلا، فغالبًا ما يُخفي الشر وجهه الحقيقي خلف أقنعة مزخرفة أو مبررات منمّقة. يتوارى تحت شعارات براقة، أو يلبس رداء النية الطيبة، ويصعب كشفه إن لم نكن نعرف الخير حق المعرفة. من يملك البصيرة ويميز جوهر الخير، يستطيع أن يكشف زيف القناع ويعرّي الشر من تزويقه
أسياد المائدة
في قصرٍ ذهبيٍّ فخم، أقامت (اسياد المائدة )وليمتها الكبرى. جلس الكبار على المائدة، يتبادلون الضحكات الدسمة، وأمامهم ما لذّ وطاب: لحم مشوي من خيرات الوطن، فواكه موسمية من تعب الفقراء، وخبزٌ عجِن بعرق الكادحين. كانوا يأكلون بنَهَمِ مَن لا يخشى نفاد النعمة، ولا يسأل من أين جاءت. وفي الخارج، خلف الأبواب العالية، وقفت الكلاب… نعم الكلاب .. لكنهم لا يُطعمونهم إلا حين يشتدّ نباحهم. يرمون لهم بالعظام، لا لكرمٍ في نفوسهم، بل حتى لا يُفسد النباح نشوة الأكل، ويحرسونهم اذا
قوة الحروف
الحروف تتشكل وتتناغم لتصبح كلمات. تُحاك هذه الكلمات في عقلك الباطن قبل أن تخرج من فمك، وقبل أن ينطق بها لسانك. وهذه الكلمات إما تخرج من قلبك فتكشف نواياك، وإما من عقلك فتكشف أفكارك. هذه الحروف البسيطة المتناغمة تصبح أحيانًا أكثر حدة من السيف، فتجرح قلب من يسمعها جرح لا دواء له. وتصبح أحيانًا أبرد من الثلج، وأحيانًا أدفأ من مدفأة ، تذوب الجليد، وتوهج القلوب، وتنير الدروب أحيانًا للحروف قوة لايستهان بها،فهي ليست فقط وسيلة للتواصل بل هي سلاح
أنا فقط أنا …ولكل منا أنا
لأنني أحب الله، قررت أن أمنح الجميع الحب. لا يمكن لقلبي الذي امتلأ بحب الله أن يحمل ذرة حقدٍ على خلقه، فأنا أعلم أن الناس مختلفون في طباعهم، في بيئاتهم، في أشكالهم، في ثقافاتهم، وفي ظروفهم التي لا تشبه ظروفي. فلماذا أرى نفسي أفضل منهم؟ ليس لأنني أملك شيئًا يميزني عنهم، بل لأنني ببساطة أحب نفسي. لكن، من لا يحب نفسه؟ المشكلة حين يتحول هذا الحب إلى أنانية، إلى شعور بالتفوق الذي يُعمينا عن رؤية جمال الآخرين. الإنسان حين يكون
نظرية عكس الأدوار
نظرية عكس الأدوار فكرة فلسفية وسلوكية عميقة، تقوم على مبدأ أن تضع نفسك مكان الآخر قبل أن تصدر حكمًا أو تُظهر ردّة فعل. وهي قريبة من مفهوم "التعاطف التخيّلي" أو "وضع النفس في موضع الآخر" هذا النوع من التفكير يساعد على فهم أعمق للنوايا والسلوكيات، ويُقلّل من التسرّع في إصدار الأحكام، كما يُعزّز من قيمة التسامح والرحمة في العلاقات الإنسانية تقول هذه النظرية: "قبل أن تُصدر ردّة فعلك، عِش الدور الذي لم يُكتب لك" اسأل نفسك: لو كنت مكانه، في