عندما دخلتُ قسم الفلسفة، شعرت بحزن عميق لأنني لم أحقق حلمي بالدخول إلى القسم الذي كنت أرغب فيه بسبب الظروف. تمنيت كثيرًا أن أترك هذا القسم أو أن أحول إلى قسم آخر، ولكن الظروف منعتني من ذلك. لم أحب هذا القسم أبداً، لكنني استمريت فيه وتخرجت منه.

مرت تسع سنوات على تخرجي، ولم أحصل على وظيفة بعد، لكنني وجدت أشياء كثيرة في هذا القسم. فتحت لي أبواب الفكر والتحرر العقلي. لم أبقَ أسيرة للعادات والتقاليد، ولم أرضَ بالتسليم الأعمى إلا بعد التفكير. فتحت لي الدراسة آفاقًا واسعة من الحرية الفكرية، من الكتابة والتعبير ، حتى لو كنت بحاجة ماسة إلى الوظيفة.

أعتقد أن مفهوم الدراسة في الوقت الحالي أصبح محصورًا فقط في الحصول على وظيفة وكسب المال. كثير من الطلاب يختارون التخصصات الطبية رغم أنهم لا يحبونها، فقط من أجل الأمان الوظيفي. لكنني أرى أن الدراسة أكبر من ذلك بكثير؛ هي أن تتعلم وتتحرر من القيود، أن تحرر عقلك وفكرك، أن تجد نفسك في تخصص يقودك إلى آفاق جديدة في الحياة فهي رحلة لاكتشاف الذات ووسيلة لتحرير العقل والتفكير النقدي،

لكن واقعًا، هناك توجه قوي في أغلب الأنظمة التعليمية والمجتمعات يربط الدراسة مباشرة بالوظيفة والأمان المادي، وهذا سبب ضيق رؤية كثير من الناس حول قيمة التعليم الحقيقية.