قد لا نجد جوابًا ثابتًا لهذه الأسئلة الكبرى:

هل الماديات تتحكم بالإنسان أم الإنسان هو من يتحكم بالمادة؟

هل المال وسيلة أم غاية؟

هل المتحكم بالعالم هو الإنسان أم المادة؟

لكن الواقع يجيبنا بشكل غير مباشر، وبصوت مرتفع: نعم، المال بات متحكمًا بالإنسان.

فالإنسان اليوم يمضي معظم وقته في العمل، يسعى خلف المال، يخطط له، يخاف من نقصه، ويقيس نجاحه بمقداره. لم يعد المال وسيلة للعيش فقط، بل أصبح غاية قائمة بذاتها، وأصبح وجوده أو غيابه يتحكم في المشاعر والعلاقات، وحتى في المفاهيم الأخلاقية.

صرنا نعيش في مجتمع تقاس فيه القيمة الاجتماعية بما نملك، لا بما نحن عليه.

لم يعد الإنسان يُقدَّر لأجل إنسانيته، بل لأجل ممتلكاته.

سواء كنتَ أبًا أو أمًّا، أخًا أو أختًا، ابنًا أو زوجًا، أصبحت نوعية العلاقة تُحدَّد بالقيمة المادية لا العاطفية.

حتى برّ الوالدين، والزوج الصالح، والإخلاص، والتقدير، باتت تُقاس بكمّ المال الذي يُقدَّم لا بكيفية المشاعر التي تُمنَح.

أين نحن من إنسانيتنا؟

حين تصبح الأم تُكرَّم بقدر ما تعطي، والأب يُحترم بقدر ما يقدّم، والزوج يُحب بقدر ما ينفق، فاعلم أن المال لم يَعُد وسيلة… بل أصبح سيّد الموقف.

لقد فقد الإنسان شيئًا من روحه حين جعل المادة ميزان العلاقات، والمصلحة قاعدة القرب، والربح مبدأ الحياة.

ولكن…

المال لا ذنب له.

هو مجرد أداة، ولكن من يسيء استخدامها هو الإنسان..