ليس أثمن في حياة الإنسان من تلك اللحظة التي يكتشف فيها أنّه لم يُخلق ليكون نسخة مكرّرة من الآخرين، ولا ليعيش سجينًا داخل توقعات مجتمع أو خوفٍ قديم. هناك نقطة دقيقة في العمر—قد تأتي باكراً أو متأخرة—يستيقظ فيها وعيه ويبدأ يطرح السؤال الحقيقي: ماذا يعني أن أكون أنا؟

الوعي ليس معرفةً جاهزة، بل شجاعة. شجاعة أن ينظر الإنسان داخله، فيرى نقاط قوته كما يرى هشاشته، دون أن يشعر أنّ هذا النقص يقلّل من قيمته. فالقوة الحقيقية ليست صلابة الحديد، بل مرونة الشجر حين تنحني للريح دون أن تنكسر.

العالم الخارجي يطلب منا دائماً أن نركض: نحو النجاح، نحو المال، نحو الاعتراف. لكن ما لا يخبروننا به هو أنّ الإنسان حين يجري بسرعة كبيرة قد يفقد القدرة على ملاحظة الطريق، وقد يصل في النهاية إلى مكان لا يشبهه. نحن لا نكبر بالعمر فقط… نحن نكبر حين نفهم أنفسنا.

الوعي يجعل الإنسان يرى أنّ الجمال ليس في الكمال، بل في الصدق. And that maturity isn’t about being perfect, but about being able to choose what truly matters.

أن تتعلّم أن تقول “لا” لما يرهق روحك، و“نعم” لما يجعل قلبك أكثر اتزانًا، تلك هي أول خطوات الحرية.

أعمق رحلة في الوجود ليست رحلة سفر، بل رحلة داخلية: أن تتغيّر من الداخل دون أن يفقدك التغيير طيبتك، وأن تتعلم الحزم دون أن تصبح قاسيًا، وأن تظل لطيفًا دون أن تكون ساذجاً.

وفي نهاية كل هذا، يكتشف الإنسان شيئًا بسيطًا لكنه عظيم:

أن الحياة ليست معركة لتهزم فيها أحدًا، بل مسارًا لتُصبح فيه نسخة أفضل من نفسك.

وأن الوعي الحقيقي هو أن تعرف أين تضع قلبك، وأين تضع حدودك، وأين تضع خطواتك… حتى لا تكتشف بعد سنوات أنّك عشت حياةً لا تشبهك.