كيف ننصب لأنفسنا فخ التوقعات الزائدة، ويصبح عطاؤنا هو سبب غضبنا على شريك حياتنا؟

رأيت أمثلة لشخصيات تضحي كثيرًا جدًا ولا تنتظر ي شيء في المقابل، ربما لأن تلك هي المفاهيم التي نشأوا عليها عن مفاهيم "العطاء والتضحية"، ويشعرون أن العطاء في ذاته قوة ويريحهم عن الشعور المؤذي المقابل وهو "الذنب"، لذلك، نعم هناك من يتعاملون دون أي توقعات في المقابل، وألاحظ ذلك دائمًا في علاقات الأهل، سواءً من الأقارب أو حتى الغرباء، بل أن "الأم" منوط بها التضحية بشكل مبالغ فيه ودائم، وهنا لا أتحامل على الزوج أو الرجل عامة، أنا فقط أوضح ما ألاحظه، فالرجل دوره موجود ومهم، ولكن غيابه أيضًا يزيد من ترويج فكرة "التضحية" بالنسبة للأم.

أما بخصوص العلاقات في عصرنا، ويمكنني اعتبار أن الوعي الحالي سلاح ذو حدين، فإما يكون ارتفاع التوقعات يشعر الطرفين باستحقاق زائف دون حتى بذل أي مجهود لائق، وإما يرسم صورة صحية فعلًا عن العلاقات السوية، كيف تكون الماركة بين الزوجين في ظل الضغوطات المالية والحياتية ومسؤوليات التربية وغيرها، لذلك أنا أوافق منظور أن التضحية متبادلة، ليست خدمة مقابل خدمة، ولكن قد يزيد الحمل على طرف لظروف معينة ثم يقابلها تبادل في ظروف مختلفة، المهم هو وجود الاحترام والتقدير.

برأيي، لا يوجد أحد في هذه الحياة يعطي دون مقابل، حتى لو كان المقابل بسيطًا أو تافهًا، فطبيعة الإنسان هي أن يتوقع شيئًا مقابل التضحيات التي يقدمها، حتى وإن كان ذلك في شكل تقدير أو اهتمام أو عاطفة، ومن الصعب أن يضحي شخص بالكامل دون أن يتوقع نوعًا من الرد أو التقدير من الطرف الآخر، لأن هذا يخلق شعورًا بعدم التوازن في العلاقة، وحتى في أصغر الأفعال، يظل الشخص يتوقع شيئًا يعزز استمرارية العطاء ويحافظ على توازن العلاقة.

العطاء في العلاقات يجب أن يكون متوازنا ومبنيا على المحبة الصادقة وليس على التوقعات المشروطة صحيح أن الإفراط في العطاء دون توازن يمكن أن يؤدي إلى الإحساس بالخذلان إذا لم يكن هناك مقابل متكافئا، لكن في نفس الوقت، هناك أشخاصا يقدمون دون انتظار مقابل مادي أو معنوي لأنهم يجدون سعادتهم في العطاء ذاته.

المشكلة تبدأ عندما يصبح العطاء وسيلة غير واعية للحصول على التقدير أو الاهتمام، وهنا يتحول إلى عبء نفسي يخلق توقعات غير واقعية قد تؤدي إلى الإحباط. لذلك، الأهم هو أن يكون العطاء نابعا من رغبة صادقة وليس بدافع بناء التزامات غير معلنة على الطرف الآخر

"وعلينا الا ننسي الفضل بيننا "

أعتقد أن المشكلة ليست في العطاء نفسه، بل في ربطه بتوقعات غير معلنة. حينما يعطي الشخص بدافع الحب فقط، لن يشعر بالخذلان إن لم يُرد إليه بنفس المقدار. لكن عندما يكون العطاء مشروطًا برد فعل معين من الشريك، هنا يبدأ الإحباط. ربما يكون الحل في التوازن، أي أن يُقدِّم الإنسان بحب، لكن دون أن يُحمِّل الطرف الآخر مسؤولية رد العطاء بنفس الكيفية

للعطاء لغات كثيرة كثيرة منها الأقوال الأفعال، الهدايا، وغيرها. ومن أكبر مسببات المشاكل بين الرجل والمرأة هي عدم فهم لغة الأخر في الحب.

فمن المرجح أن تكون سبب عدم المقابل في العلاقات سوء الفهم بين اللغات.

غير ذلك تسمى علاقة سامة لايوجد حب غير مشروط الا عند الوالدين. وكل علاقة مادون هي علاقة طردية تشاركية، أنا أقدم وأنت تقدم، والمركب يبحر بمجذافين لا بواحد. والتنازل سيد الموقف وأساس متين لأستمرار العلاقات البشرية إن تم التنازل والعطاء من طرف واحد فبالمستقبل القريب ستصبح عبدا للطرف الثاني.