الإنجاب فعل أناني وغير عقلاني، لأن كل الدوافع التي تدفع الآباء للإنجاب تتسم بكونها أنانية، فعندما تسألهم، لماذا اخترتم الإنجاب ستجد كل أجوبتهم أنانية، فمعظم أجوبتهم تصب في هذا المنحى، انجبنا لأننا لا نستطيع أن نعيش وحدنا طوال حياتنا، وأن الأطفال يضفون معنى على حياتنا ويدفعوننا إلى العمل وبذل أقصى جهد، كما أن الأطفال سيساعدوننا وسينفقون علينا عندنا نتقدم في العمر، أي عندما نصل إلى سن لا نستطيع فيه تلبية أبسط حاجياتنا وتوفير أبسط شروط العيش، فالأطفال هنا مثل العبيد، غير انها عبودية بصيغة دينية، كما أن الإنجاب فعل غير عقلاني لكون إنجاب شخص معناه الحكم عليه بالمعاناة والألم وأخيرا الوفاة، فالحياة مليئة بالمعاناة والآلام، وقد يقول أحدهم، أستطيع أن أوفر الإبني كل الشروط الضرورية للحياة من تربية حسنة ومأكل ومشرب، وتعليم... وبالتالي فإنه لن يعاني كما تزعم، بل سيكون سعيدا في حياته وممتنا لي أشد الإمتنان لأنني منحته فرصة تجربة هذه الحياة الرائعة، قد يكون كلامه صحيحا، أي أن إبنه لن يعاني كثيرا في هذه الحياة، لكن الاعتراض الذي يمكن أن نورده هنا، هو ما هي الضمانات التي تضمن أن هذا الطفل فعلا لن يعاني؟ فالإنسان في هذه الحياة معرض لكل الاحتمالات، فكم من أب غني أنجب طفلا معاقا، وكم من طفل عاش في أسرة ميسورة ومع ذلك كان مريضا بالإكتئاب الذي دفعه إلى الإنتحار، ومادامت ليست هناك ضمانات فالاحتياط واجب أخلاقي، وهذا الإحتياط يتمثل في عدم الانجاب، فعدم الإنجاب لن يضر أحد، أما الإنجاب قد يؤدي إلى أن الطفل سيعاني طوال حياته، فالفرق بينهما كبير، وسيظل عدم الإنجاب هو الخيار الأمثل والأكثر عقلانية في ظل الظروف التي يعيشها العالم التي تتسم بالانفجار الديموغرافي، وقلت الموارد الطبيعية وعلى رأسها الماء، وكثرت الأمراض والأوبئة والمجاعات والحروب، كل هذا وغيره الكثير يدفعنا إلى الدعوة إلى عدم الإنجاب كخيار أخلاقي وعقلاني من أجل حماية أطفالنا من المعاناة التي ستنتهي حتما بالموت.
الإنجاب فعل أناني وغير عقلاني
لا أستطيع فهم اللاإنجابين الحقيقة، ما دوافعهم، بل أرى أن رؤيتهم معقدة ويتعاملون وكأنهم مطلعين على الغيب وعلى ما سيحدث، وهنا أريد طرح سؤال، كونك ابن لأحد العائلات وكبرت وأصبحت سيد قرارك هل تقبل على إنهاء حياتك خوفا من المستقبل وما قد تتعرض له من أمراض أو حتى حوادث؟ فتفسيري أن أغلب اللاإنجابين ولم أقل كلهم قد تعرضوا لظروف بطفولتهم جعلت لديهم تخوفات كانت سبب في إيمانهم بهذه الفكرة، مثلا عائلة غير مستقرة ومعاناة انفصال الوالدين، مثلا عاصر حروب بدولته واضطر للهجرة بعيدا عن عائلته، أسباب جعلته لا يتمنى أن يورث ذلك لأبنائه.
قرار الإنجاب ليس سهلا معك، لكن الفكرة والفيصل ألا يتخذه أحد إلا بعد أن يدرس أبعاده ويتأكد تماما أنه مؤهل نفسيا وصحيا لإنجاب الأطفال، لإخراج جيل معافى نفسيا وبدنيا.
فعدم الإنجاب لن يضر أحد،
قد لا يسبب ضررا على المستوى الفردي، أما على المستوى الجمعي فسيكون له أضرار مباشرة؛ أبسطها إنقراض الجنس البشري!
.. الدعوة إلى عدم الإنجاب كخيار أخلاقي وعقلاني..
وهل المصادرة على إرادة الغير، وحقهم في تقرير مصيرهم يعد خيارا أخلاقيا؟! أليس من حق الأجيال القادمة أن تقرر بنفسها إذا ما أرادت معايشة تلك الظروف، وإلا فبإمكان الجميع فيما بعد الإنسحاب من ذلك الوضع إذا لم يعجبهم!
أما عن عقلانية الدعوة، فأكرر أنها تبقى خيارا فرديا لا يمكن لأحد التدخل به أو إجبار مناصريه على تغيير رأيهم؛ فقرار الإنجاب من أساسيات الحرية الفردية...
لكن ما لا يمكن قبوله هو محاولة تعميم تلك الدعوة، ولوم من لم يعتنقعها.. فلنترك كل منا يتخذ قراراته ويقرر مصيره بنفسه!
التعليقات