كلُّ سؤالٍ بحاجةٍ إلى جواب، وكلُّ مبتدأ يتبعهُ خبر، وكلُّ شرطٍ له مقدّمةٌ وعاقبة، ولكن ...! في لغة العرب يتمّ الإطناب (أي التطويل) عندما تقتضي الحاجة لذلك، ومن أساليبهم أيضاً أن يتمّ الإيجاز عندما يُكتفى بقليلٍ من الكلام ليصلَ المعنى إلى أذهانِ المتلقّين. إذاً، فإيجاز الكلام واختصاره أسلوبٌ لغويٌ تتمتّع به اللغة العربية، وكذلك بعض اللغات الأخرى، فإذا كانت نتيجةُ الأمر معروفةً ولا شكّ ولا التباس فيها، وإذا كان المحذوفُ معلوماً من سياق الجملة، فيُحذف بغرض البلاغة في التعبير. أضف
أساليب لغوية في القرآن الكريم - أسلوب الاشتغال
عندما تنشغلُ عن الصّلاة بلعبٍ أو لهوٍ، فأنتَ بذلك "مشغول"، والصلاةُ التي انشغلتَ عنها تُسمّى "مشغولٌ عنه" لأنّك نقلتَ اهتمامَك وارتباطَك إلى ما دونها، وأمّا اللعبُ فهو "مشغولٌ به". (ولا تنسَ -باركَ الله بكَ- أنّ الصّلاةَ لا ينبغي أن تكون "مشغولاً عنه"، وهنا نتكلّم واقعاً وليس لغةً). في اللغة العربية -كما هو معلومٌ بالضرورة- أنّ الفعلَ يتبعهُ فاعلٌ فمفعولٌ به إن كان الفعلُ "متعدّياً" -أي يقبلُ مفعولاً به-، على عكس الفعل "اللازم" الذي يكتفي بفاعلٍ ولا يحتاج لمفعولٍ به. في
أساليب لغوية في القرآن الكريم - أسلوب التضمين
نعلمُ أنَّ الأفعالَ إمّا أن تكونَ لازمةً فتكتفي بفاعلها، أو تكون متعديةً فتتعدّى لمفعولٍ واحد، أو تتعدّى لمفعولَين، أو ربما تتعدّى بحرفٍ من حروف الجر. ونعلم أنَّ كثيراً من الأفعال مترادفةُ المعنى فيما بينها مع اختلافٍ بسيط. أسلوب التضمين هو أن يؤدّيَ فعلٌ معنىً لفعلٍ آخر يشابهه ويتقارب معه في المعنى، فيأخذ الفعلُ المُضمَّن حُكمَ الفعلِ الآخر. ونقصد بالحُكم أي اللزوم والتعدي والتمام والنقصان وغير ذلك. أي أنّنا نستطيع مثلاً أن نجعلَ فعلاً من الأفعال اللازمة يتضمّنُ معنىً لفعلٍ متعدٍّ
المجاز المرسل
من الجيد معرفةُ المجاز المرسل في اللغة العربية لفهمِ بعض نصوص القرآن الكريم. فالمجازُ المرسل –بشكلٍ مبسّطٍ- هو أن تقولَ كلمةً ولكنّك لا تريد معناها الحرفي، وإنّما تريد معنىً آخرَ يُفهم مِنَ السّياق. حتى أنّنا في لغتنا العامّيةِ نستخدم عبارةَ "الكلام مجازي" لتنبيه السّامع على عدم الإلتزام بحرفية ما قلناه، بل أنّ المراد معنىً ثانٍ. ومن أنواع المجاز المرسل: *الجزئية:* أي التعبيرُ بجزءٍ من الشيءِ مع أنّ المُرادَ هو الشيءُ بكامله، ومثال ذلك قوله تعالى: {{بَلَى مَنْ أسْلَمَ وَجْهَهُ للهِ}}
أساليب لغوية في القرآن الكريم - أسلوب المقطوع عن العطف
نعلمُ أنّ الاسم المعطوف في اللغة العربية (الذي يأتي بعد حرف العطف كالواو أو الفاء) يوافقُ الاسم المعطوف عليه من الناحية الإعرابية (الرّفعُ، النّصبُ، الجرُّ والجزم). فإن كان الاسم المعطوف عليه منصوباً مثلاً، سيكون الاسم المعطوف منصوباً أيضاً، مثل: أنفقَ درهماً وديناراً. أسلوب المقطوع عن العطف: يكون لدينا مجموعة من الأسماء المعطوفة على بعضها، ولكن يأتي من بينها اسمٌ يخالف بقية الأسماء من الناحية الإعرابية، فنرى جملةً فيها عدّة أسماءٍ معطوفةٍ مرفوعةٍ مثلاً، وبينها يوجد اسمٌ منصوب، أو ربما تكون
من بلاغة القرآن الكريم - الجزء (1)
قد يُحذفُ من الفعل في القرآن أحد الحروف للدلالة على أنَّ الحدَث أقلُّ من نظيره الذي لم يُحذف منه، أو أنَّ زمنَه أقصر، فهو يقتطع من الفعل (يحذف منه) للدلالة على الاقتطاع من الحدَث (أي أنّه أقل منه زمناً أو جهداً أو إعمالاً للعقل)، وقد يُحذف منه في مقام الإيجاز والاختصار بخلاف مقام الإطالة والتفصيل. فمثلاً نرى قولَ الله تعالى في وصف السّدِّ الذي بناه ذو القرنَين لإبعاد قوم يأجوج ومأجوج عن الفئة المستضعَفة: {{فمَا اسْطاعُوا أنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطاعُوا
من بلاغة القرآن الكريم - الجزء (4)
قد يستعملُ القرآن الكريم كلمةً في موطنٍ ثمّ يستعملها في موطنٍ آخر بإبدال حرفٍ من حروفها تبعاً للسّياق الذي وردت فيه. مثال ذلك قول الله تعالى: {{إنَّ أوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذي بِبَكَّةَ مُبَارَكَاً}} (آل عمران: 96)، وقوله تعالى: {{وَهُوَ الّذي كَفَّ أيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أنْ أظْفَرَكُم عَلَيْهِم وَكَانَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيْراً}} (الفتح: 24). سببُ إيراد كلمة (مكّة) بالباء في آل عمران أنّ الآيةَ في سياق الحج، فجاء بالاسم (بكّة) من لفظ (البك) الدال
من بلاغة القرآن الكريم - الجزء (2)
قد يُحذف من أفعال القرآن للدلالة على نُدرة الحدَث أو قلّة وقوعه، فقال تعالى: {{وَإنْ كَانَ ذُوْ عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلى مَيْسَرَةٍ وَأنْ تَصَدَّقُوا خَيرٌ لَكم إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُون}} (البقرة: 280)، فقال (تَصَدَّقوا) بحذف إحدى التائَين، فالأصل (تَتَصَدَّقوا)، ذلك لأنّ هذه من أحوال الصدقة النادرة، وهي التصدّق بدَين المُعسِر، فحذف التاء لِما لم يكن كالصّدقة المعتادة. ومن أمثلة الحذف من الأفعال في القرآن الكريم ما يتعلّق بطول السّياق وتفصيله مقارنةً بمواضع أخرى حيث يختصر منها ويوجز فيها. فنرى قولَ الله: {{اللهُ