قد يُحذف من أفعال القرآن للدلالة على نُدرة الحدَث أو قلّة وقوعه، فقال تعالى: {{وَإنْ كَانَ ذُوْ عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلى مَيْسَرَةٍ وَأنْ تَصَدَّقُوا خَيرٌ لَكم إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُون}} (البقرة: 280)، فقال (تَصَدَّقوا) بحذف إحدى التائَين، فالأصل (تَتَصَدَّقوا)، ذلك لأنّ هذه من أحوال الصدقة النادرة، وهي التصدّق بدَين المُعسِر، فحذف التاء لِما لم يكن كالصّدقة المعتادة.
ومن أمثلة الحذف من الأفعال في القرآن الكريم ما يتعلّق بطول السّياق وتفصيله مقارنةً بمواضع أخرى حيث يختصر منها ويوجز فيها.
فنرى قولَ الله: {{اللهُ الّذي خَلَقَ السَّمَاواتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أيّامٍ ثُمّ اسْتَوَى عَلى العَرْشِ مَا لَكُم مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍ وَلَا شَفِيعٍ أفَلَا تَتَذَكَّرون * يُدَبِّرُ الأمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إلى الأرْضِ ثُمّ يَعْرُجُ إلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ ألفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّون}} (السّجدة: 4-5)، وقوله: {{إنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الّذي خَلَقَ السَّمَاواتِ والأرْضَ فِي سِتَّةِ أيّامٍ ثُمّ اسْتَوَى عَلى العَرْشِ يُدَبِّرُ الأمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إلّا مِنْ بَعْدِ إذْنِهِ ذَلِكمُ اللهُ رَبُّكُم فَاعْبُدُوهُ أفَلَا تَذَكَّرُون}} (يونس: 3).
ففي السّجدة قال (تتذكّرون) وفي يونس قال (تَذكّرون) بحذف التاء، ذلك أنّ السّياق في السّجدة تفصيليٌ مقارنةً بيونس.
ألا ترى أنّه قال في يونس (خلق السّماوات والأرض) وزاد في السّجدة (وما بينهما)، وقال في يونس (ما من شفيعٍ) أما في السّجدة قال (وليٍ ولا شفيعٍ) فأضاف (ولي)، وذكرَ في يونس تدبيرَ الأمر بإيجازٍ فقال (يدبّر الأمر) أما في السّجدة ففصّل في ذلك أكثر.
مقتبس من كتاب "بلاغة الكلمة في التعبير القرآني".