ما هو الإنسان إلّا ما يختار؟ إلّا ما ينتخب لنفسه من قراراتٍ واتجاهات وتوجّهاتٍ ومبادئ وحتى أفكار تحكم أجزاءً من حياته أو طيلة حياته، ما هو الإنسان إلّا هذه الخيارات؟
هل نتفق على هذه المُقدّمة؟ يُعجبنا معناها ونُصادق عليه فعلاً؟ إذاً لننتقل إلى مستويات أعمق من الحديث، رُبما إلى ما لا نتفق معاً في الحديث، هل الشاب أو الشابّة التي تعيش في كنف أهله/ها بشر؟ إنسان؟ لماذا أسأل هذا السؤال الغريب برأيك؟ لأنني أرى في الحياة العامة من مدرسة وخاصّة الأهل تطاول على حريّة من يعيشون في كنفهم، تقييدات كثيرة وفرض آراء وتوجّهات قد لا تتناسب مع ما وصل إليه الشاب، ومن ثُمّ يحاجج معظم الآباء والأمهات بمنطق فكرة لدحض هذه التُهمة بالجملة التالية:
"أنا أمّه، أنا أبوه، يحق لنا ما لا يحق لغيرنا بالضرورة!"
والأن لمُناقشة هذه الجملة، هل هذا صحيح فعلاً؟ هل يجب أن يعيش الشاب رهناً لآراء وتوجّهات وأفكار والديه مُعطّلاً عقله وخياراته وبالتالي فرصة اكتشاف حياته ودروبه الخاصة لأجل هذه الجملة؟ يحضرني الآن فيلم غريب بعض الشيء تحدّث عن هذه القضيّة كثيراً على لسان شخصيّتها التي تؤدّيها المُمثلة العالمية (صاحبة الدور الشهير في فيلم التايتانيك) كيت وينسليت، الفيلم الذي أقصد هذه المرّة اسمه HOLY SMOKE فيلم يحكي عن اختيار البنت لطريق روحاني هندي مشكوك في أمره والعائلة ترى أنّ من وظيفتها إقصاء البنت وتنحيتها عن هذا التوجّه دون أن يعلموا كنهه الحقيقي وجوهره وتعاليمه، لمجرّد أنّ الأمر لم يشبههم حاربوه وأحاطوا بها (بالمعنى الحرفي) ليمنعوها من السفر والانضمام والمشاركة.
ما هي سلبيات أن يتدّخل الآباء في تقرير مصائر أبنائهم بشكل تعسفي دائم؟
- انتفاء لفرادة شخصية الطفل، ميزاتها واختلافها عن السائد
- اتكالية غير طبيعية ولا مسؤولية في تحديد أي قرار (بسبب الاعتماد على الوالدين)
- خوف غير مبرر من عملية اتخاذ القرار (هذا نراه كثيراً بمجتمعاتنا) وذلك لقلّة مراسهم بهذا الأمر
هل أدعو أنا لعصيان الأبناء لآبائهم؟ بالمرّة، لا يجب أن نُحارب أعطف وأحنّ الناس علينا، لكن بالمقابل هي دعوة للآباء للتخفف والتخفيف من هذه الممارسة التي تُشكّل أبنائهم بشكل سلبي دون أن يعرفوا يرافق الأمر سؤال:
هل تتفق معي في هذا الطرح؟ أم تجد العكس تماماً، في أنّ هذه التدخلات جزء من صلاحيات العائلة المُطلقة والطبيعية التي يجب أن تتحصل عليها بالضرورة؟
التعليقات