الجمعة البيضاء إقتربت .. في أي جهة أنت ؟


التعليقات

في الواقع، يُمكن أن يحصل المستهلك بعينه على صفقات مجزية من عروض البلاك فرايدي. على سبيل المثال، الميكروويف الذي يُباع بـ200$ سيكون عليه عرض بـ100$ في هذا اليوم بالتحديد. سيشتريه عدد كبير من المستهلكين وهي صفقة مجزية بالنسبة لهم، كما أن التاجر لن يكون خسر شيئًا، بل على العكس تمامًا حقّق أرباحًا خيالية! فبدلًا من بيع 50 جهازًا بسعره الأصلي، تمكّن من بيع 200 جهاز بنصف السعر وخلال مدة قصيرة، وغالبًا كانت ستعود هذه البضاعة للجهة المصنّعة نظرًا لاقتراب نهاية العام وإفساح مساحة لبضاعة العام الجديد.

لكن من هو الرابح الحقيقي في رأيك ؟

من وجهة نظري، المستفيد الأكبر أمر نسبي لا يُمكن قياسه بالأرقام. المستهلك الذي لديه حاجة ماسة لسلعة ما وحصل عليها بنصف السعر يُعتبر رابحًا في هذه الصفقة! والتاجر الذي تمكّن من بيع أكثر من نصف مخزونه من السلع بسعر أقل حقّق أرباحًا لا يُمكن تجاهلها.

أما الخاسر،، فهو المستهلك الأحمق الذي وجد في هذا اليوم فرصة لشراء كل ما هب ودب وعثر عليه بسعر منافس ومغري دون النظر في مدى حاجته له!

أتفق معك كليا، لا أجد أنه من الصائب أن نناقش الأمر دائما وكأن المستهلك أحمق في جميع الأحوال، وأن السوق يخدعه ليشتري المزيد والمزيد من المنتجات دون الحاجة الحقيقية، رغم أن ذلك يحدث لا شك لكنني أرفض تصدير هذه الفكرة على أنها السائدة دائما.

المستهلك يستفيد هو الآخر بهذه العروض، فإن كنت في حاجة فعّلية لشراء هاتف جديد وقررت انتظار الخصومات والشراء في ظل التخفيضات، فما العيب في ذلك؟ بل بالعكس، الانتظار والشراء وقت التخفيضات تصرف سليم في هذه الحالة.

أجد أننا دائما ما لانفرق بين توعية المستهلكين من عدم الخضوع للتخفيضات وشراء منتجات ليسوا بحاجة لها، وما بين السماح للمحتاجين لهذه المنتجات بشرائها بشكل طبيعي دون مزايدة.

في المثال الذي ذكرته وهذه الحالة بالتحديد، اعتقد أن ذلك مرتبط بإشباع حاجة داخلية أو ملء فراغ في النفس الشبرية.

الأغنياء يعلمون أنهم قادرون على شراء أفضل السلع والماركات ومن أفخم دور الأزياء العالمية، لكنهم ينظرون بحكمة أكثر وأن ما سعره 10$ سيُلبس تمامًا كما هو سعره 100$ "على سبيل المثال فقط". أما الفقير، أو بالأحرى الإنسان العادي وليس شرطًا متدنيي الدخل والفقراء، فتتولد لديهم رغبة في إثبات أنهم قادرون على شراء السلع باهظة الثمن، وتجربة شعور امتلاك قطعة فريدة ومييّزة من حيث الثمن بين أغراضه. هنا ما يقوم به هو سلوك نفسي لإشباع غريزة داخلية لديه،، هذه الغريزة سبق أن تم إشباعها بالفعل لدى الأغنياء بسبب توافر الأموال.

أما المستهلك فيغرق بالديون أكثر فأكثر

في النهاية، فإن استغلال عروض البلاك فرايدي لا يتم على نفس الطريقة من قِبل الجميع، لذلك من الظلم أن نعتبر أن المستهلك يستغل هذه العروض للتباهي بشراء أشياء لا يحتاج إليها. بعض المستهلكين يشترون أشياءً ليس لها حاجة نظرًا لرغبتهم بالاستفادة من العروض وتحت بند قد أحتاجه لاحقًا وعدم وجود شيء بعينه يحتاجه.

أما البعض الآخر، واعتبرها شريحة كبيرة كذلك لا يُمكن نكرانها، فيستغلون هذا اليوم بالتحديد لشراء أشياء تم تأجيل اقتنائها لأكثر من 6 أشهر مثلًا فقط للحصول عليها بسعر منخفض!

أما البعض الآخر، واعتبرها شريحة كبيرة كذلك لا يُمكن نكرانها، فيستغلون هذا اليوم بالتحديد لشراء أشياء تم تأجيل اقتنائها لأكثر من 6 أشهر مثلًا فقط للحصول عليها بسعر منخفض!

هذه حقيقة فعلا، أنا عن نفسي ومن واقع تجربة شخصية، وبما أن حاسوبي الشخصي صار قديما جدا بما أثر بصورة كبيرة على أدائه لمهامه الأساسية، احتاج لاقتناء جهاز جديد، وها أنا انتظر التخفيضات رغم ما أعانيه مع جهازي الحالي إلا أنني المستفيدة من التخفيضات في كل الأحوال، لذلك انتظرها. وعلى الأغلب فالكثيرون يتشاركوا معي تحت نفس الشريحة، لذلك الاشارة لكون الأغلبية على الجهة المخدوعة ليس عدلا طالما هناك من يستفيدون بالفعل من هذه التخفيضات.

بالطبع أفهم ما تقصديه جيدا، لذلك علينا بالتوعية، توعية المستهلكين بعدم ضرورة اقتناء منتجات جديدة سواء للتباهي، أو للتغيير طالما أن المنتج الذي بحوذتهم يؤدي مهمته الأساسية بشكل جيد. - أذكر أننا ناقشنا مسألة مشابهة لذلك في إحدى الموضوعات هُنا في مجتمع حسوب، سأحاول البحث عنها وإرفاقها لكِ -

على كل ما سنحققه من خلال هذه التوعية، حماية المستهلكين من الوقوع أسرى لخدعة الشركات الذي يحاولون رفع مبيعاتهم بها من خلال التخفيضات لإغراء المستخدمين لشراء منتجات قد لا يكونوا في حاجة لها وفي الوقت نفسه نسمح لمن يستطيع الاستفادة بشكل فعّال بأن يفعل ذلك.

أفهمك تماما، لكن ألا تجدي أننا نسير في طريق التوعية بالفعل؟ أعني أن المستهلكين باتوا أكثر وعيا عما سبق وأكثر دراية بمحاولات الشركات لإقناعهم بمنتجات رائجة لكنها فائضة عن حاجتهم.

بالطبع لم نصل لنقطة مضيئة تماما في هذه المسألة، لكننا على أقل تقدير لا نقف مكاننا على كل حال، تتفقي معي في ذلك أم لك إضافة على الأخص فيما يتعلق بالتغيير الطاريء على وعي المستهلكين، هل هو في زيادة أم نقصان؟!

أنا لا أتحدث عن الجزئية التي من الممكن أن يخدع بها المستهلك ، بل أتحدث عن الذي يشتري بكامل إرادته فقط ليزاحم الآخرين ويأخذ صورا ينشرها حول ما أخذ في بلاك فريدي

هذه الفئة بالتحديد تُمثّل الطوابير التي تظهر بالمئات أمام أبواب المتاجر الكُبرى في البلاك فرايدي، ويا للمصادفة! جميعهم يتعاركون على شاشات التلفاز أو أجهزة الهاتف الحديثة أو المايكرويف أو السماعات ....إلخ! بالتأكيد لا يحتاج الجميع من هؤلاء المتعاركين هذا العنصر كمسألة حياة أو موت! أو أن جميعهم تعطّل التلفاز لديهم وبحاجة ماسة لآخر جديد!

هؤلاء لا يليق بهم سوى وصف واحد وهو مهووسي الشراء ،، فهم لا يشترون بناءًا على مدى حاجتهم للسلعة ووفق سلّم أولويات،، إنما على النقيض من ذلك، هم فقط يشترون لغرض المباهاة أو إرضاء الذات أو تخزينه لحين استعماله ولو بعد 100 سنة!

لكن من هو الرابح الحقيقي في رأيك ؟

في رأيي أن الطرفين رابحين، فالمنفعة متبادلة، فصاحب المنتج قد يرى أنه لا يُباع بشكل كبير، فيخفض في سعره قليلًا (وبالطبع لن يُخسر نفسه، ولكن سيقلل فقط من الربح قليلًا) وبالتالي سينجذب الناس للمنتج أكثر وسيبيعه بشكل أكبر، فبالتالي سيعود زيادة عدد المشترين للمنتج بالنفه على صاحبه.

وكذلك المُشتري نفسه سيجد أن هناك منتجًا كان يحتاجه مثلًا لكن العائق هو سعره، فإذا خُفض السعر سيشتريه بلا شك، وقد يرى منتجات أيضًا لم يفكر في شرائها من قبل، ولكن سعرها مغري جدًا مقارنةً بسعرها في الأيام العادية، لذا سيشتريها.

فالمنفعة في تلك الحالة متبادلة، والفكرة جيدة وتعود بالنفع على كل الأطراف، فالطرفين رابحين.

ففي الجمعة البيضاء عام 2018 مثلًا ارتفعت مبيعات "وول مارت" و"أمازون" الإلكترونية بنسبة 23٪ ووصلت إلى 6 مليار دولار في هذا اليوم فقط، فهذا أكبر دليل على أن المنفعة متبادلة، فالشركة ربحت هذا المبلغ الصخم، والعميل استفاد من العروض لدرجة شراء هذا الكم من المنتجات.

ولكن في نفس الوقت العملاء اشتروا ما يحتاجونه بسعر أقل بكثير مما كانوا سيشترونه في أي يوم عادي غير هذا اليوم.


ريادة الأعمال

مجتمع المهتمين بريادة الأعمال وإنشاء مشاريعهم الخاصة.

91.5 ألف متابع