مع بداية النصف الثاني من العقد الماضي، كنت طفلاً أحدّق بهاتف أبي النوكيا بانبهار، لعبة الثعبان آنذاك كانت تبعث فيني شعوراً فريداً، شاشة الانتظار في بلايستيشن تو، صوت اتصال الـ dail-up بالانترنت، كلّ هذه المشاعر الجميلة جاءت مع حد أدّنى من سهولة الاتصال جعلت التواصل أكثر فعاليّة بحيث لا تُفسد العلاقات الاجتماعيّة كما تفعل اليوم

أمّا الآن، لا حاجة لي بزيارة الأصدقاء و الأقارب و السؤال عنهم، أنا أعرف ما يفعلون من خلال صورهم على انستغرام، صفحتهم على الفيسبوك و تغريداتهم على تويتر، تكنولوجيا المعلومات سرقت منّا متعة اللقاء الحقيقي.

ربّما ليس عليك أن تشعر بالكثير من اللهفة عندما تعلم أنّ صديقك قد تذكّر يوم عيد ميلادك، فربّما هو لم يتذكره فعلاً و إنّما فيسبوك هو من فعل ذلك، هذا الأمر كان يعني الكثير سابقاً أمّا الآن فليس بالضرورة.

ناهيك عن أنّ التكنولوجيا الحديثة بدأت حربها على الإنسان على ما يبدو، سرقت منه الكثير و الكثير من الأعمال، نحن نتحدث اليوم عن أمراض نفسيّة حقيقيّة تنتج عن تطبيق مثل الانستغرام، أُناس تنتهي مسيرتهم المهنيّة بسبب تغريدة على تويتر، حملات تنمر جماعيّة في كلّ مكان.

بالطبع هنالك بعض الجحود في كلامي عن تقنيّة المعلومات هنا لأنّني من المُستفيدين منها، لكن هل كان من الممكن أن تكون علاقتنا بها أفضل؟ هل كان من الممكن أن تُنشأ كل هذه الأعمال بدون أن تأتي على حساب الحياة الاجتماعيّة للإنسان أمّ أنّنا ندفع ضريبة لابدّ من دفعها؟ أين ذهبت الأمور بشكل خاطئ برأيكم؟