منذ عدة ساعات، قابلت منشور لأحد الأشخاص المشاهير على الفيسبوك، يقوم فيه بالتهكم على إعلامية معروفة، وقد قام ببناء ذلك التهكم على شكلها، وطريقة حديثها، وملابسها، وغيرها من الأمور الشخصية الأخرى ... المريب أنه حصل على ما يزيد عن 60 ألف تفاعل، من ضمنهم أكثر من 40 تفاعل بـ "هاها"؛ أي أن هناك الكثير من الأشخاص السعداء بما يقوله!
قبلها بدقائق، كنت أشاهد فيديو حديث لأحد الـ Youtubers الكوميديين، وهو يبكي ويُعلن توقفه عن نشر المزيد من الفيديوهات، ويقول أنه سوف ينتحر!
وما هي ردود الفعل على الفيديو؟
مزيد من التهكم، ومزيد من الـ "هاها"، ومزيد من الاتهامات التي تخبره أنه يريد لفت الانتباه!
.
شخص عادي مثل حالتي، محيطه الاجتماعي على الفيسبوك صغير جدًا، يشاهد في أقل من نصف ساعة حالتين من التنمر الجماعي!
وهنا يأتي سؤال مهم، لو أن هناك شخص ما لا تتفق معه في الرأي مثلًا، فما علاقة نقد شخصيته، وشكله، ونيته، بالرأي الذي تختلف معه عليه؟ أو بالمحتوى الذي يقدمه؟
الطبيعي أن تنقد رأيه بشكل إيجابي وليس شخصه أليس كذلك؟ أن نواجه الفكرة بالفكرة!
.
إذًا ماذا يحدث الآن على فيسبوك؟
نوع جديد من التنمر الجماعي، وبغض النظر عن المحتوى الذي تقدمه، سيتم توجيه آلاف الطعنات النفسية لك دون أن تؤذي أحد، ودون أن تعرف أولئك الذين يتهكمون عليك أيضًا، أو حتى تعرف سبب تهكمهم.
جرب فقط أن تحصل على بعض الشهرة هناك، وبعد فترة سيقف الجميع في انتظار أي فعل منك، كي يقوموا بتحليلك، ثم نقد شخصك، بدون رحمة!
.
لقد كنت أشاهد منذ قليل فيلم وثائقي عنوانه "Human"، ويبدأ بمشهد لرجل مسجون قام بقتل سيدة وطفلتها الصغيرة، ويروي أنه في صغره، كان زوج والدته يقوم بضربه يوميًا، وبعد أن يضربه يقول له أنه يفعل ذلك لأنه "يحبه"، ثم يعترف ذلك المسجون بأنه كان يعتقد طوال فترة حياته، أن مفهوم الحب يعني مدى تحمل الآخرين للألم الذي يمكن أنه تسببه لهم!
جاء في عقلي فورًا، أن تلك الحشود التي تقوم بالتهكم على شخصيات الآخرين دون سبب، لديهم أيضًا مفاهيم خاطئة عن "النقد"، نتيجة التربية أو ما إلى ذلك!
.
في العالم الواقعي، هناك قوانين تعاقب الشخص المذنب حتى لو كان هناك أسباب ساهمت في تشكيل شخصيته تلك منذ صغره ولم يكن له يد فيها، فلا يوجد أي مبرر لشخص يؤذي شخص آخر بدون سبب ... أما في العالم الإلكتروني وخصوصًا في المجتمعات الكبيرة مثل فيسبوك، لا يمكن تطبيق أي قانون على حشد كامل يقوم بإيذاء شخص نفسيًا دون سبب، وهناك الكثير من حالات الانتحار التي تحدث بسبب ذلك الأمر!
.
لذا، هل أصبح الفيسبوك مكانًا خطرًا؟
من رأيي نعم، وليس فيسبوك فقط، بل أي موقع اجتماعي لا يوجد عليه مراقبه، حيث يمكن لأي شخص الآن أن يؤذي غيره نفسيًا، وبغض النظر عن مدى قوة تحمل الشخص الضحية، فمع التكرار والكثرة سوف ينهار في النهاية.
الشهرة سوف تجعل حجم الأذى كبير، لكن كل شخص حتى لو كان عادي، مُعرض للتنمر في أي وقت ... فنجد هذا الشخ يُعلق على صورة تلك الفتاة بأنها قبيحة، وشخص آخر يُخبر صديقه بأن ملابسه سيئة، والعديد من التعليقات المدمرة الأخرى التي نشاهدها يوميًا!
.
لهذا، قررت منذ فترة أن أستخدم فيسبوك في نطاق العمل فقط، وأحاول قدر الإمكان أن أبتعد عنه وأشارك في مجتمعات مفيدة وإيجابية أخرى ... فهل يرى أحد آخر أيضًا أنه أصبح خطرًا خصوصًا على الصحة النفسية؟ وماذا تفعلون حيال ذلك؟
التعليقات