أحببت أن أشارككم مقال قرأته في احدى الجرائد تحت عنوان " سكيزوفرينيا حب الوطن "، فهو في الحقيقة مقال يصف بدقة حال اغلب المجتمعات العربية وخاصة المغرب وأكثر ما لفت انتباهي عند قرائته هو :" أحن كثيرا الى مرحلة من حياتي كانت علاقتي فيها بالوطن لاتتجاوز رسم علمي فوق القمم، أنا فنان( هذه فقرة من احدى الاناشيد التي كنا نحفظها في الابتدائي ) وترديد النشيد الوطني كل صباح في ساحة المدرسة، وجمع صور المنتخب الوطني من على أغلفة العلكة بافتخار. كانت بلادي جميلة(...) والغريب في الامر أن كل الناس في عيني جميلة كان الجمال يحملني الى عالم المثل لأتجرد من النظرات السخيفة والكلمات السطحية(...) كنت لا أعلم بعد أن من يعاشر قوما شهرا وعشرة أيام يتشبع بهم ويمتص أخلاقهم كالاسفنجة، مهما كثرت انتقاداته لهم يجد نفسه منهم رأسا من رؤوس القطيع إذا صاح بشيء غير باع قطعوا رأسه. وماذا لو أنه علشرهم سنين طوال، شاركهم تاريخا وجغرافية، تقاسم معهم السماء بعواصفها ودفء شمسها، كيف يعلن بعد كل هذا انسلاخه من جلد لازال عالقا به رغم زيارته الاسبوعية للحمام..؟ كيف له أن يتعايش مع مرض الفصام الذي يصنع من هويته نقيضها، وهو يخشى زيارة الطبيب النفسي خوفا من كلام الناس؟ أقر بأنني اليوم صورة عاكسة لمجتمعي، بي شيء من عيوبه ونواقصه شيء من النميمة وشيء من السطحيات... أصدق أنني إذا كسر ظفري فقد أصابوني بالعين، وأن كل من لبست فستانا قصيرا في الشارع ليست بريئة من العهر... أؤمن بأن الغش في الامتحانات حلال وسماع الموسيقى حرام... أكره المقاطعة ( مؤسسة حكومية بالمغرب تتكلف بالوثائق ) مع أني لم أطأ بابها، وألعن الدهر على تفرقة غير عادلة أطاحت بي في بلاد لاتشبه الدول الاوروبية... أتفرج على القنوات الوطنية بعد أن أقفل باب غرفتي بإحكام لأنشر بعدها في صفحتي " لنقاطعها !!" ، أكره الحكومة وأنعتها بالفاشلة ويوم الانتخابات لا أتكبد العناء بالإدلاء بصوتي فأنا سأنتقد على كل حال أي حكومة ... أسب البلاد في أول فرصة وما أن أسمع مواطنا من بلد آخر يذكرها بالسوء حتى أتشبع بنوايا اجرامية محضة. وأدعو عليها وأكره من يقول بعدي " آمين " ، أنتظر أول فرصة لأهاجر هذه البلاد المشؤومة، وما ان تشتد علي الغربة حتى أستحضر كؤوس الشاي المنعنعة وأبكي وطني بحرقة (...) هكذا صنع مني المجتمع انسانا وطنيا لايحب وطنه، انسانا متناقضا لا يعترف بتناقضاته . فعذرا أيها الوطن هكذا علموني أن لا أحبك كلما أحببتك، أن أغار عليك وأنا أمضي على عقود بيعك، أن أفرح لفرحك وأحمي نفسي من أول معالم حزنك، أن ألوح لك من خلف البحار وأقسم بكثر اشتياقي لك أنني لن أعود... ! "

ما أريد أن أقول وأصل إليه بعد عرض هذا الجزء من المقال هو أنه من الجميل أن يحتفل الجميع باليوم الوطني ورائع أن يعبر كل إنسان عن حبه وولائه لوطنه بالطريقة التي تسعده وتجلب الفرحة والبهجة لقلبه سواء بالكلمات الجميلة أو الشعارات المتميزة أو لباس مميز أو تنظيم القصائد الرائعة أو اقامة المهرجانات الشيقة والعروضات الرائعة، فالوطن يستحق حقا فرحتنا جميعا ومشاركتنا في احياء تلك المناسبة العظيمة على قلوبنا جميعا

ولكن لا يكتمل حب الوطن إلا من خلال الجد والاجتهاد والعطاء والصبر والتضحية طوال العمر وليس في يوم واحد لأن أعمالنا الصالحة هي التي تساعد على ازدهار ورقي الوطن وهي التي حقا تثبت حبنا وولاءنا له.

. الحب الحقيقي للوطن هو الاحساس بالمسؤولية تجاه وطننا الحبيب والعمل الجاد والدؤوب لرفع مستوى بلادنا في جميع المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والصحية من خلال الاجتهاد والمثابرة في طلب العلم والمعرفة والعمل بإخلاص وتفان في وظائفنا وأعمالنا ومحاولة تحقيق الإنجازات التي تجلب العز والفخر للوطن

اجتهادك في دراستك وإخلاصك وأمانتك في عملك والتزامك بمواعيده دليل قوي على حبك للوطن. التزامك بقوانين الوطن دليل آخر على وعيك وحبك وتقديرك لوطنك. احترامك وتقبلك للجميع ونبذ التطرف والعنصرية والعنف ونشر الحب والاحترام والتقبل والتعايش والتعاون في المجتمع أفضل هدية نقدمها للوطن. ففي الاتحاد والحب قوة وعزة للوطن وفي التفرق والتطرف والحقد والكراهية ذل وتدمير للوطن وكل شيء جميل فيه.

اذا أنت حقا تحب وطنك كن مواطنا صالحا وحارب الإرهاب والعنف واهتم بكل ما يساعد على ازدهار ورقي الوطن تكن حقا مواطناً صالحاً ومحباً للوطن.

هذا هو الحب الحقيقي للوطن الذي سيجعل وطننا اروع وأجمل وابرك بقعة على وجه الأرض.