"من المفيد ان نضع علامات استفهام بين الحين والآخر علي الأمور المسّلم بها"

بعيدًا عن الدين، أرى هذه المقولة صحيحة تمامًا، فمثلًا لو عدنا للماضي، كانت هناك بعض العادات تعد أمر مفروغ منها بالنسبة لنا، ليست محط للنقاش، فلا يوجد هناك وجهتين نظر مختلفتين عليها، لكن يتضح بعد ذلك أن كان ما نعتقده بأنه مسلم ولا يمكن النقاش حوله غير صحيح البتّه.

ناهيك بأنّ وضع علامة الاستفهام تُحفزنا على البحث و الإبداع حول الفكرة أو القضية التي تم تبنيها مسبقًا. فبرأيي أنّ ترك علامة استفسار يعني أنّ الاجابة لم تحسم، بل تحتاج إلى نقاش مطول ومن جميع الأجيال. كونهم سيبحرون ويغوصون في التأكد من هذا الأمر.

نعم أتفق مع فكرة أن كل شيء يجب أن يكون قابل للنقاش لأننا أصبحنا تقريبا نعيش زمن لا نعرف فيه شيئا والسبب في ذلك هو أن نسبة كبيرة من الأشخاص يؤمنون بالأفكار فقط لأنها شائعة و متفق عليها في المجتمع الذي يعيشون فيه و هذا يمكن اعتباره نوع من أنواع الجهل، الغريب في الأمر هو أننا نجد أشخاص مثقفين كذلك يفعلون نفس الأمر.

السؤال الذي يجب طرحه الآن هو هل للعلم والجهل دور في الإيمان بهذا النوع من الأفكار؟ و إذا كان الجواب نعم فلماذا نجد أن هناك أشخاص مثقفين يؤمنون بهذا النوع من الأفكار؟!!

 كثيرة هي الأسئلة التي تشكل حافزا للابداع والابتكار، وتقودنا الى التفكير بشكل مختلف وتوسع من مداركنا ومحتوانا الفكري.   وفي الدورة التي أخذتها حول فضح الجرائم الجنائية. انطلقت الدورة من خلال تصميم تقارير تترجم خمسة اشارات للاسئلة مثل هل وكيف ومتى وماذا ولماذا ..

اذكر ان مدربتي وكانت بولندية قالت أنه يجب ان نصنع فواصلا بين تلك التساؤلات وان نتوقف كثيرا خلف كل سؤال واشارة ومعلومة والا نستسلم او نسلم لما يقال، فلا شيء يمكن ان يكون حقيقة مطلقة.

ومما يمكن ان أفسر به ما قلته هو طرح التساؤلات التالية

 لماذا؟ (لماذا هذا هو الطريق؟)

ماذا لو؟ (ماذا لو كانت مختلفة؟)

كيف؟ (كيف يمكن أن يكون مختلفا؟)

ما هي الحلول الممكنة؟.

 حتى نصل للتقييم الصحيح لابد من ان تكون هناك فواصل، وهكذا يمكننا وضع النهاية في الاعتبار.  

برأيي الجملة خاطئة وهي أقرب لكونها مغالطة حتى، ليس المفترض بنا أن نضع علامات استفهام على ما هو مسلّم به، بل أن لا نسلّم بشيء اصلا إلا بعد طرح الأسئلة واستبيان الحجج والدليل، بعد ذلك نسلّم بالمسألة لا على سبيل الاقتناع بجهل، بل اتباعا للدليل وحسب، وذلك مهم في كل الجوانب ولكنه أهم ما يكون بشكل خاص في جانب الدين، لأنه أهم شيء للإنسان، ولكن يجدر الإشارة إلى ان الفرق شاسع بين طرح الأسئلة واستبيان الأدلة والتعلم، وبين التشكيك، التشكيك كأن نكون على علم بصوابية شيء ثم ننفي صوابيته ولا نثبت خطأه، أما التعلم والسؤال فهو ان نطرح لماذا ذلك صائب اصلا، وكيف نعرف الصواب، الآن هذه الأسئلة يحتمل أن تقودنا إلى نفي صوابية ما كنا نعتقده صائبا، ولكن الفرق بين هذا وبين الشك، ان باستعمال هذا الأسلوب يمكننا أن نثبت خطأ ما كنا نحسبه صوابا، وأن نعرف لماذا هو خطأ، وأن نعرف أين الصواب، فهذا اسلوب منهجي لتتبع الحق في الغالب يجدر أن يفضي للصواب، أما مجرد التشكيك فهو مجرد حيرة، والذي يغلب أن ذلك كان هو حال بيرتراند راسل، فهو وإن كنتُ اتفق مع الاقتباس الأخير الذي ذُكر له، ولكني لا أعتقد انه حقا نموذج يستحق أن يتطلع إليه الإنسان حينما يتعلق الأمر بطرح الأسئلة سعيا للصواب.