ليكون الصبر مفتاح الفرج فعلا، لا بد من معرفة على ما نصبر ولماذا نصبر وكيف نصبر، وإلا كانت عاقبة صبرنا غير محمودة.
متى يكون الصبر مفتاح الفرج؟ وهل الصبر وحده كفيل بجلب الفرج؟ ومتى يكون آخر الصبر علقما؟
الصبر فضيلة نمتدحها، ونعتبرها دليلًا على قوة التحمل والإرادة. لكن في الحقيقة، الصبر ليس دائمًا جميلًا، ولا كل نهاياته حلوة كما نظن. أحيانًا، ينتهي الصبر بمذاق مُر، يتجاوز القدرة على التحمّل، ويترك في النفس أثرًا من الخيبة أو الانكسار إذ رأينا ما لم نكن ننتظره ..
الصبر يكون مفتاحا للفرج عندما ننتظر نتائجه الإيجابية, كأن يصبر الطالب على العيش وحيدا بعيدا عن أهله في ظروف جد صعبة لأنه مدرك أنها فترة مؤقتة وأنه سيجني ثمار صبره, أو أن يصبر المرء على ابتلاء ومرض أصابه لأنه يعلم أنه سيكسب أجرا من عند الله بالآخرة. وليس الصبر العيش في مستنقع لا نحاول تحسينه أو الخروج منه ونغوص فيه أكثر, كأن يصبر المرء على وظيفة يتعرض فيها للإهانة أو التحرش ولا يحاول البحث عن بديل أو لا يرغب في البحث عن بديل لما تدره من مال وفير ويسمي بقاءه صبرا, هذا خنوع واستكانة وليس صبرا.
قال الله تعالى: (إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا).
الصبر يكون مفتاح الفرج عندما يكون مرتبطًا برؤية واضحة وهدف نبيل، ويعتمد على أمل حقيقي وإيمان عميق بأن التغيير ممكن. الصبر وحده ليس كافيًا لجلب الفرج إذا لم يُصاحبه سعي مستمر وتخطيط مدروس، لأن الصبر السلبي قد يؤدي إلى ركود واستسلام للوضع الراهن.
أما آخر الصبر فقد يكون علقمًا إذا كان الصبر في غير موضعه، كأن نصبر على ظلم أو إهمال دون اتخاذ أي خطوات لتحسين الوضع. الفرج يأتي حين يكون الصبر قوة تدفعنا للاستمرار في المحاولة، مع يقين بأن الجهد والتوكل معًا هما مفتاح النجاح.
عندما نصبر على ابتلاء أو على قدر أو على تدبير من الله يكون الصبر خير حتى لو لم نراه كذلك ولكن يجب أن نتيقن ونصدق بقوله تعالى ( ولأن صبرتم لهو خير للصابرين).
أما الصبر على خطأ أو أذى بعمل أو علاقة أو على انتهاك حقوق فهذا ليس صبر بل حمق يستحق صاحبه عواقب فعله وتراخيه في التعامل مع الأمر
الصبر قد يكون في بعض الأحيان ذا طعم مرير، كما في الحالات التي يتم فيها الصبر على ظلم أو قهر دون أن يتم التحرك لتغيير الوضع. هل يصبح هذا النوع من الصبر نوعًا من التواكل؟ وإذا كان كذلك، هل يمكن أن يتحول إلى عبء على الروح بدلًا من أن يكون سلاحًا لفتح أبواب الفرج؟
في المقابل، الصبر الذي يرتبط برؤية واضحة وأهداف نبيلة يشكل القوة الحقيقية، كما قال أحد المعلقين، لأنه لا يتوقف عند الانتظار السلبي ولكن يرافقه السعي الدؤوب نحو التغيير. هل يمكن أن نعتبر الصبر مجرد انتظار، أم أنه يجب أن يكون دافعًا للتحرك؟
الصبر دائما صعب، يتطلب القدرة على التحمل والاستمرار في السعي والمثابرة حتى يتحقق المراد، ولكن أن يصبر الانسان على الظلم، ولا يحرك ساكنا وينتظر الفرج فهو تواكل، ومن الضروري أن يثقل الروح والعقل ويذكي الإحساس بالعجز.
لا يمكن اعتبار الصبر الواعي الحقيقي والمصحوب بالعمل والاجتهاد للوصول إلى غاية، مجرد انتظار، بل يجب أن ينطوي التحرك على الصبر ليستطيع المرء استكمال الطريق.
التعليقات