احذر!! بعض المديح ،ذنبٌ إثمه كبير..

قال لي معلمي ذات مرة : يا بشير ؛ والله إنك لذكي ، طالبٌ نجيب ، ومستمعٌ حذق.. تقرأ أكثر مما تكتب ، وتصغي أكثر مما تتكلم.. فلا تسرف ما أعطاه الله لك من الخير في متاع الحياة ، وصن نفسك فإنك آيةٌ في الجمال.

كلنا نحب أن نُمتدح من قبل الآخرين ( في وجوهنا أو خلف ظهورنا ) ، ونجامل على قدر استطاعتنا بما تعرفه ألسنتنا من كلام محبب للأُذن.. ولكن ، ولكن ، ولكن المشكلة تكمن في عدم وعينا في فهم ذلك المديح !

وهذا يذكرني بالمقولة الشعبية الشهيرة ( القرد في عين أمه غزال ) ، فيأتي القرد ويتنطنط أمام النساء بانيا ( على كلام أمه ) ظنًا أنه أجمل بني البشر..

لنعد إلى معلمي ومدحه.. لم أقل لكم أني كنت أقرن منزلة كلام معلمي بكلام نبي لا جدال فيه ولا شك!! وبعد كلامه ذاك ، لم أعهد من نفسي غلوا واستكبارا في طلب العلم مثل الذي حصل !!

فلم اقرأ في الستة الأشهر التي تلت المديح شيئا ، سوى من كتاب ألقمته لنفسي تلقيما ، ولم أضع قلمي جانبا إلا لأجل استبداله بواحد جديد ، ولم أدع أحدا يتحدث في حضوري إلا لسؤالي ، وكلما نظرت إلى المرآة أرى صورة يوسف وكأنني الغزال في عين أمي..

والحقيقة يا من تقرأون ؛ أن الخطأ ليس من القرد نفسه ولا مني أنا فقط !! الخطأ يقع أيضا على أمك وأمه ومن يهمنا رأيه بنا.. وبالطبع لوعينا نصيب كبير مما تجنيه عواقب المديح الزائد أو المديح الحساس ( أقصد ذاك المديح الذي يضرب أعماق مشاعرنا )..

فهلّا استغنينا عن القسم في المديح ، وهلّا قلنا للأطفال ما يشجعهم ، لا ما يجعلهم يظنون أنهم ملكو الدنيا ، وهلّا استوعبنا أن أغلب ما يقال لنا ليس بالضرورة أن يكون واقعا ، بل من الممكن أن تكون نظرتهم وحسب!