أعرف أن موضوع الحرية يثار كل بضعة أشهر على النوقع، ولكنني أود إثارته مجددًا على ضوء الجدل الأخير عن المثلية الجنسية والإلحاد، وسأبدأ بأرضية مشتركة وهي لنفترض أن المثلية الجنسية والإلحاد أفعال خاطئة حسب معتقد الأغلبية ويقوم بها الأفراد بكامل حريتهم لدوافع كالمتعة وما شابه ذلك، وهذا أقصى ما قد يتمناه البعض عند الحديث عن هاتين الظاهرتين، السؤال هو ماذا بعد؟ كيف نتعامل مع هذه المجموعات؟ كيف نتعامل مع اولئك الذين يشذون عم الجماعة؟

ما حدود الحرية؟ ننادى بحرية التعبير ولكن عندما يقول ملحد أنه لا يؤمن بالله نطارده بالمشاعل، لنفترض أن لديك نص صريح في معتقدك بقتل الملحد والمثلي جنسيا مثلا، فهل ستقتلهم؟ لا تقل لي أن هذه الأمور ينفذها الحاكم، لنفترض أنك الحاكم فهل ستقتلهم؟ أليسوا أحرارا طالما لا يؤذون الآخرين؟

البعض يقول هم أحرار ولكن لا يعلنوا عن انفسهم، أليسوا احرارا في التعبير عن أنفسهم؟ البعض يقول أن المثليين جنسيا أكثر عرضة للأمراض، ثم ماذا؟ ماذا بعد ذلك؟ أليس من حقي أن أدخن وأنا أعلم أن التدخين مضر؟ هل نشع أنفسنا أوصياء على الناس ونخاف عليهم أكثر من أنفسهم؟ هل لو حاول أحدهم الانتحار فهل من حقك أن تمنعه بالقوة؟

البعض يقول أن الملحد يحاول نشر إلحاده أفليس القانون والدستور يضمن له ذلك؟ أم أنك لا تؤمن بهذا القانون والدستور؟ أحلال لك أن تبشر بمعتقدك وحرام له؟

هذه أسئلة هدفها إثارة عقلك للتفكير، ربما وصل البعض لمغزى الأسئلة وربما البعض لم يصل، لذا سأقوله على كل حال، إذا وجدت تعارضا بين القانون والثقافة التي ولدت فيها والأفكار التي تؤمن بها فأيهما ستفضل؟ أيهما ستختار؟ هل ستختار الأفكار التي ورثتها أو اقتنعت بها بعد بحث كأفكارك الدينية أم ستجعل الواقع مقياسا لتلك الأفكار تقيس عليه صوابها وخطأها؟ بمعنى هل ترفع أفكارك الدينية فوق الواقع أم تجعل الواقع حكما عليها؟ هل ستفضل مثلا لو كانت بيدك القوى العظمى على الأرض أن تلغي إعلان حقوق الإنسان والمواثيق التي ألغت العبودية لتطبق أحكام الدين التي تنص على أخذ أسرى الحرب سبايا وعبيدا أم ستبقي على هذه المواثيق وتأول فهمك لهذه الأحكام وتغير أفكارك ومعتقداتك؟ هل هنالك معيار تحكم به فهمك للدين وللأفكار التي تؤمن بها أم أنك تجعل هذه الأفكار معيارا تقيس عليه المجتمع؟

بعض الفلاسفة جعلوا الإنسانية معيارا لأفكارنا الدينية، وجعلوا غاية تطور البشرية أن نصل لمجتمع أكثر إنسانية، ربما تكون هذه ملاحظة مفيدة لتفهم ما أقصده بشكل أوضح، هل ستفضل مكاسب الانسانية على الأفكار التي آمن بها أجدادك أم ستعد هذه المكاسب خسائر؟

فكر جيدًا في هذه الأسئلة، وأعد قراءتها مجددًا، راجع التاريخ وراجع ما تؤمن به وما إذا كنت تحققه على أرض الواقع أو تنوي تحقيقه يوما إن أتيحت لك الفرصة ثم ادل بدلوك في هذا الموضوع.

أفكر في كتابة عدة موضوعات عن المثلية الجنسية لدى العرب في المستقبل، سيكون مفيدًا لو عرفت آراءكم، وفي النهاية سأفعل ما أشاء أن أفعله.