طبعا لا خلاف على مدى عظمة هذا الفعل، ولكن دوما أقع بحيرة ان الكفالة الكلية بأن اخذ الطفل إلى منزلي خطوة صعبة وتباعتها الاجتماعية كثيرة، خاصة أن الطفل سيكون باسم مختلف عن اسم الزوج أو حتى لو لدى العائلة اطفال سيكون اسمه مختلف عنهم ومع الوقت سيدرك انه ليس أخوهم، التبعات النفسية والاجتماعية على هذا الطفل ستكون قاسية جدا لذا أليس الأفضل كفله وهو بمكانه دعمه نفسيا ومعنويا دون ارغماه أن يقارن نفسه باخوة قد يشعروه بالنقص حتى ولو بدون قصد، قد أكون مخطئة لذا طرحت الموضوع هنا للنقاش، خاصة أن هناك حالات كفالة كثيرة حدث بها ما ذكرت
كفالة اليتيم، كيف نتعامل مع عواقبها اجتماعيا؟
الأسرة التي لن تتمكن ولن توفر للطفل المكفول بيئة آمنة ومستقرة نفسيا وتحميه من تحيزات المجتمع النفسية ولو بنسبة 1% فالأفضل أن تتركه بمكانه وتتكفل بمصاريفه وتزوره من وقت لآخر، فالمجتمع بحد ذاته يحتاج لعلاج قبل أي شيء، عن قريب قرأت مشكلة لأحد الأمهات التي كفلت ابن وكبر وقد وفروا له كل شيء، حتى أصبح مهندس ولديه شقته وسيارته، وعند التقدم لخطبة فتاة ما، سأل أهلها عن أهله وما إن عرفوا أنه يتيم بدأوا بالمغالاة بالطلبات، وكل وقت يشيروا لهذه النقطة وكأنها عيب أو نقص به، وكانت تطلب النصيحة، الكل نصحها بعدم إكمال الخطبة، ولكن ما لفتني هو سطحية المجتمع الذي نعيش فيه، يحاسب شخص على شيء لا دخل له بيه، ولا يحاسبه على ما وصل له هو بجهده وتعبه
ما دخل عدم الكفالة في هذه الحالة؟ اليتيم سواء كان في دار الأيتام أو في حضن عائلة كافلة في النهاية سيضطر للتعامل مع هذا المجتمع، دار الأيتام لن تعزله عن المجتمع وتحميه من التعرض لهذه الأفكار المسمومة، ولكن وجود عائلة كافلة ومحبة ستكون خير معين له ليتجاوز تلك المواقف الصعبة، ولكن تخيلي أن يتعرض لموقف سيء في الخارج ثم يعود إلى الدار فلا يجد من يطبطب عليه ويواسيه.. برأيي علينا أن نعمل على إصلاح المجتمع لا إلغاء خيار الكفالة
لم أقل عدم كفالة، قلت يكفله ماديا ومعنويا ولكن وهو بمكانه بدار الأيتام، فهذا سيكون أفضل له من أن يقع بعائلة وبها أخ يعامله بنظرة عنصرية، أو يقلل من شأنه، أو يشعره الأقرباء بالقهر والتمييز، وحتى عند الانخراط بالمجتمع، لذا من سيتمكن من حمايته من كل ذلك فليفعل، فعلى سبيل المثال أرى أن كفالة الأيتام من قبل عائلات محرومة من الإنجاب أفضل من كفالتها من عائلة لديها أطفال بالفعل للأسباب التي ذكرتها
هو في النهاية مسؤولية الوالدين، عليهم واجب حمايته من أي تعليقات مؤذية، الصرامة من قبل الوالدين قد تكون حدًا يحد من هذه الإساءات، مثلًا أن يقوم الوالدان بوضع قاعدة صارمة بين الأقارب "من يؤذي الطفل ولو بكلمة أو يعايره فهو يسيء لي شخصيًا" وتترتب على هذا عواقب أخرى، بالنسبة للأخوة الأمر متعلق بالتربية، عندما يتم تربيته على احترام أخيه وأنه ليس بغريب عنه.
المهم أن تتأكد العائلة من قدرتها وكفاءتها لتحمل هذه المسؤولية، في النهاية هو قرار مصيري وكبير بحاجة لدراسة وليس مجرد قرار يتخذ بالعاطفة التسرع فقط.
على العكس، أنا أشجع وجوده داخل أسرة مُحبّة، هذا لأن الرعاية والعطاء هنا يختلف كثيرًا عن فكرة الكفالة عن بعد، وتعطيه فرصة حقيقية لمعرفة شعور الانتماء لأسرة، على أن الأمر لا يناسب الجميع، وخصوصًا من لديهم أطفال، ويمكننا هنا أخذ مثال عائلة أنس بوخش الإماراتية، فمع أن والدته لديها 4 فتيان (3 قبل التبني)، إلا أن رغبتها في التبني زادت جدًا ووجدت أن عطائها يسمح لها بإضافة فرد جديد للعائلة، ولكنها قرأت كثيرًا جدًا عن الأمر، وتعاملت مع متخصصين نفسيين لتعرف كيف تتحدث مع الطفل وتشرح له أنها ليست أمه البيولوجية، وأن بيئتة مختلفة، وحتى كيف يواجه فكرة التنمر لاحقًا من أصدقائه في المدرسة، هذا بجانب التهيئة لأبنائها حتى يتعاملوا معه كأخ حقيقي لهم وليس شخص غريب عنهم، كما ذكرت، الموضوع فعلُا له تحديات أسرية ومجتمعية، وقد يترك آثارًا مُدمرة على الطفل إذا وُجد داخل بيئة أسرية تعامله كالغريب، وتفرق بينه وبين الطفل البيولوجي لهم.
وهنالك مثال أخر أكثر شهرة في العالم ككل وهو ما فعلته أنجلينا جولي بتبنيها عدد أطفال كثير ومختلف، الأمر هنا هو أن من يقوم بالتبني عليه القراءة والتواصل مع متخصص للتعامل المناسب مع الطفل، وأرى أساسا أن فكرة إخفاء الأمر عن الطفل عندما يكبر تحتاج إلى جهد أكبر بكثير من اطلاعه على الحقيقة، فلو تم تدريب الأهل بصورة جيدة سيكون لديهم القدرة على شرح كل شيء وخاصة لو قاما بالتربية الصحيحة للطفل من البداية بحيث لا يتأثر بهذا الخبر.
@Hamdy_mahmouds أضيف لرأيك نقطة مهمة، أن التبني أو الكفالة مسؤولية وقرار لا يمكن أبدًا التراجع عنه، التراجع هو صدمة مضاعفة بالنسبة للطفل، رفض مرتين، عائلته البيولوجية، وعائلته الحاضنة. أقول ذلك، لأني قرأت مواقف لأهالي تبنوا أطفالًا بسبب تأخر الإنجاب، وما أن أنجبوا طفلهم، حتى أعادوا الطفل المٌتبنى مرة أخرى إلى دار الرعاية.
في موضوع كهذا لن أطرح رأيي الشخصي بل سأشاركك كلام يتيمة خاضت هذه التجربة بنفسها، حتى لا يكون مجرد كلام مملوء بالمثاليات والبعد عن الواقع، هذه الفتاة استمعت إلى لقاء معها في بودكاست وكانت تروي تجربتها، حيث تكفلت بها إحدى العائلات منذ أن كانت رضيعة، وحسب رأيها فهي تقول أن أفضل وقت لمصارحة اليتيم بحقيقته هي منذ صغره، أما ما تقوم به بعض العائلات من إخفاء الأمر حتى يكبر الطفل ويصبح شابًا خشية أن يؤذيه ذلك فهي فكرة خاطئة جدًا ومؤذية، لأن الطفل يكون أكثر تقبلاً وتهيؤاً في صغره، ولكن تأجيل الحديث معه سيجلب معه الكثير من اللوم والعتاب.
من المهم أيضًا أن تكون هناك رعاية وتواصل مستمر مع الطفل من قبل الوالدين حتى لا يخشى أن يسرد عليهما أي مشكلة تواجهه خارج المنزل بكل أريحية، سواء كان تنمر مدرسي أم إساءة مجتمعية، من المهم عدم التفريق بينه وبين أخوته بأي شكل من الأشكال، حتى بالزيادة وليس فقط بالنقصان، بمعنى اليتيم لا يحب الشعور بأنه مختلف وبأنه محل شفقة ولذلك يتم الإهتمام به بشكل مختلف ويزيد عن اخوته، معاملته بشك طبيعي هي الأفضل.
أضيف عليه أنك إذا أخبرته وأنت قلق ومتوتر وتشعر أن الموضوع خطير وسيئ يبنتقل شعورك له تلقائيا. الأطفال ليس لديهم أحكام مسبقة على أي شيء في الدنيا. إذا أنت قلق على كذا، سيقلق هو أيضا وهكذا. أهم ما في رحلة تربية الأبناء عموما، وتربية اليتيم خصوصا هو أن تراقب أنت مشاعرك وأفعالك وأحكامك على مختلف الأمور. فالطفل يتشرب رأيك أنت، وليس رأي فلان ولا رأي العائلة ولا رأي الأصدقاء. رأيك أنت فيه هو ما يهمه أكثر شيء.
صحيح حتى طريقة إخبار الطفل ينبغي مراعاتها حتى لا تنقل مشاعر سلبية للطفل ستظل ترافقه طوال عمره، إذا لم تشعر بأنك أو هو مستعد لإخباره بشكل مباشر يمكنك التمهيد له بشكل بسيط، مثلًا أخبريه انه ابن صديقتك المتوفاة ثم أخبريه أنه عندما ولد عاش في دار للأيتام قبل أن ينتقل للعيش مك وهكذا..
يكمن الخلل في المجتمع، لا في مسألة التبني بحد ذاتها. فهل من الأفضل ترك اليتيم بلا أهل، أم كفالته وتوفير بيئة أسرية محبة ومستقرة ؟ بالطبع إن الخيار الثاني أفضل، وتبعاته النفسية والاجتماعية أقل بكثير مما لو تُرك اليتيم دون أسرة.
انا ضد هذه الفكرة فمن الجيد أن نفكر في أخذ اليتيم إلى المنزل وتقديم الرعاية له،دون ان ننسى انه من الضروري وجوده داخل عائلة محبة وتهتم به، حيث يحصل على الأمان والدعم والرعاية دون أن يشعر بالضغط أو المعاناة. إذا كانت العائلة توفر له بيئة مليئة بالحب والرعاية، فلن يشعر بالمعاناة أو الفرق عن الآخرين. في النهاية، توفير الدعم للطفل في بيئته الحالية قد يكون الخيار الأفضل، حيث يمكنه أن ينمو ويشعر بالقبول دون الحاجة لمقارنة نفسه بأفراد الأسرة الجدد .
سيتضرر نفسياً بالفعل من كونه مختلف ومن كون أبيه ليس معه، لكن ماهدف الكفالة إذاً أن يعوضه الله عن أضرار أكبر بكثير، مثل أضرار قلة المال والزاد والعائلة أو الأسرة.
الضرر ليس هنا، لكن لضرر أظنه فى نقطة حينما يكبر هذا الطفل؟! هل يمكننا تركه يعيش مع الأسرة وخصوصاً إن كان بالأسرة إخوة بنات؟!
التعليقات