لا شك أن صناعة المحتوى عملية تتم وفق سلسلة متتابعة من المهام وأصحابها، ولا جدل بخصوص دور كل أطراف صناعة المحتوى انطلاقا من كُتاب الاسكربت إلى غاية المسؤول عن الإضاءة أو الصوت، لكن الخطاط الأول لهذه الهندسة؛ هل يقتصر دوره على تحرير النص للمذيع أو المؤدي؟

كاتب المحتوى؟ أم صانع المحتوى؟

كمطالعين للمجالات المختلفة التي تقدم محتويات على اختلاف طبائعها (مكتوبة، مسموعة أو مرئية) لابد أن مصطلح "صانع محتوى" قد مر علينا سابقا، لا يمكن الجزم ربما قد استمعتم إلى جمهور معين يلقب "فُلان" -وهو يوتيوبر- بأفضل صانع محتوى، أو ربما قد صادفتم -معلقا صوتيا- يعتبره متابعوه بأنه صانع محتوى محترف..، أو حتى جمعية خيرية -مجهولٌ أشخاصها الفاعلون- تجدها تحضى بقبول واسع تحت غطاء: (إنهم يصنعون محتوى هادفا).

هذا التوجه من المتتبعين إلى اعتبار صناعة المحتوى تتجسد في الشخصية أو الجماعة التي تقف في الواجهة، أقصد مثلا لا أحد سيثني على كاتب سيناريو الحلقة إذا كان من يقف في وجه الكاميرا يتمتع بكاريزما ساحرة أو ابتسامة جميلة.

  • لنأخذ الصناعة السينيمائية مثالا مبسطا:

صناعة فيلم أو مسلسل أو حتى سلسلة كرتونية يتطلب كاتبا جيدا، هذا الكاتب -والذي يطلق عليه مسمى سيناريست- هو البذرة الأولى في صناعة هذا العمل، ثم لاحقا يأتي دور المخرج والممثلين المختارين من قبله انتهاءً عند الهندسة الصوتية والإضاءة..

السؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح: هل سيشفع الإخراج الجيد والممثل الأنيق عن النص إن كان يقدم قصة رديئة للمحتوى السنمائي؟

اذن..، أليس كاتب المحتوى هو الصانع الفعلي له؟

سلطة كاتب النص!

إن كان الكاتب هو المهندس في صناعة المحتوى، فهل من شأن الأمر أن يبيح له تحكما في أدوار الفاعلين الآخرين خلال هذه العملية؟

بالنظر إلى "سلطة النص" في المقام الأول يكون الإقرار سهلا بأن الكاتب سلطان في صناعة المحتوى، أقصد.. إنه ذاك الشخص الذي ترسم أنامله حروفا فتتم ترجمتها إلى مشاهد فخمة:

  • قال أحمد (والدمع يملئ عينيه): "أتدري أصعب ما يحس به الإنسان؟"
  • يضم منير صديقه في عناق أخويّ: "لا تقس على نفسك"
  • "أصعب إحساس يا منير.. هو القهر (ينفعل باكيا كطفل حزين)

هذا النموذج يظهر المقصود بسلطة كاتب النص على المخرج والمؤدي والمصور، فتوجيهاته المرافقة لنصه تعد المرشد لبقية أدوار صناعة المحتوى، والتي عليهم أن يلتزموا بها إذا ما كانت لهم الرغبة في صناعة عملٍ احترافي..

هل يمكن الآن أن نقر لـ"سلطان النص" أنه هو صانع المحتوى؟

إن كنتم تتفقون؟ هل تحصون توجيهات أخرى غير ما ذكر، يوجهها الكاتب لبقية طاقم صناعة المحتوى؟