التنفيس عن الغضب من أسوأ الوسائل التي نلجأ إليها

التنفيس عن الغضب ليس حلاً، بل وقودًا يزيده اشتعالًا.

عندما نطلق غضبنا بشكل عشوائي، نغذي المشاعر السلبية بدلًا من تهدئتها، مما يزيد التوتر ويُفاقم الموقف. الغضب طاقة قوية، لكنها تحتاج إلى توجيه، لا تفريغ.

برأيي بدلًا من الانفجار، خذ لحظة للتنفس بعمق، أعطِ نفسك مساحة لتهدأ. ثم فكر: ما الذي أغضبني حقًّا؟ هل يستحق كل هذا؟ بعدها، عبّر عن مشاعرك بهدوء ووضوح، دون اتهام أو صراخ.

تذكر الغضب لا يختفي بالتنفيس، بل يتحول إلى فرصة لفهم نفسك أكثر، وإدارة مواقفك بحكمة. كن سيد غضبك، لا عبدًا له.

أعتقد أن التعامل مع الغضب والعواطف المكبوتة يتطلب وعيًا ذاتيًا وأساليب فعالة لتحويله إلى طاقة إيجابية بدلًا من السماح له بالتحكم في تصرفاتنا. من أهم الطرق التي أجدها مفيدة هي إعادة التفسير الذاتي للموقف، حيث أحاول رؤية الأمور من زاوية مختلفة بدلًا من الاستسلام للانفعال. كذلك، التحدث مع شخص موثوق به يساعد في تفريغ المشاعر بطريقة متزنة دون تضخيمها. كما أن الكتابة تعد وسيلة فعالة لفهم المشاعر بشكل أعمق، حيث أكتب أفكاري وقت الغضب ثم أعود إليها لاحقًا بهدوء.

أجد أن التنفس العميق والتأمل يساعدان في تهدئة الجهاز العصبي وتقليل التوتر، بينما يساهم النشاط البدني في تفريغ الطاقة السلبية بطريقة صحية. الأهم من ذلك هو تحويل الغضب إلى دافع إيجابي من خلال التفكير في كيفية استثماره في تطوير الذات أو تحسين الظروف التي أدت إليه، مما يجعلنا أكثر تحكمًا بمشاعرنا وأكثر قدرة على التعامل مع المواقف الصعبة بوعي.

تراجع فرويد في كتاباته الأحدث عن فكرة التنفيس Catharsis حيث كانت هذه الفكرة تحتل موقعاً أساسياً في كتاباته الأقدم، وكان ذلك من مميزات فرويد في عدم خشية التعديل على آرائه _ بغض النظر عن صحتها من عدمه.

ونصح علم النفس الأحدث من فرويد بفهم المشاعر المكبوتة ومعرفة سببها أولاً لكن دون التعمق الشديد في ذلك وبدون الاستطراد في التحليل والتفسير أيضاً.

فقط بمجرد عرفة السبب والتيقن منه يكتفي الشخص بذلك، ثم ينشط لباقي العمل وهو إعادة تصحيح المفاهيم عنده ووضع خطط فعلية لتحسين حياته وسلوكه ومشاعره وأفكاره.

ومن الإستراتيجيات التي يمكن استخدامها هي تقبل مشاعر الغضب والعواطف المكبوتة الأخرى والعمل عليها بدون كبتها...والعمل على التنسيق والترابط بين الوعي وبين اللاشعور المكبوت حتى يتسق ظاهر الإنسان مع باطنه، فلا يظل محارباً ذاته في كل لحظة خائفاً من انفجاره.

يبدو أن المشكلة الحقيقية ليست فقط في التنفيس عن الغضب أو كبته، بل في كيفية فهم مشاعرنا والتعامل معها بطريقة صحيحة. أحيانا يكون الغضب ناتجا عن تراكمات لم ننتبه لها، لذا قد يكون من الأفضل قبل التفكير في التنفيس عنه، أن نحاول إدراك أسبابه الحقيقية. ربما يكون الحل ليس في الكبت ولا في التعبير العنيف، بل في إدارة المشاعر بأسلوب متزن، كأن نأخذ بعض الوقت للهدوء، أو نعبّر عنها بطريقة مختلفة، مثل الكتابة أو ممارسة نشاط يساعد على تصفية الذهن.

عن نفسي أعتقد أن بذل أي مجهود عضلي يساعد على تخفيف أثر الغضب أو أي مشاعر سلبية مكبوتة. لست متأكدا من وجود دليل علمي على ذلك لكنني قد جربته بالفعل عدة مرات وأفلح معي، كما أن بعض أصدقائي يقومون بالشيء ذاته ونتائجه جيددة معهم أيضا. قد يكون التعب بعد الأتشطة العضلية سواء الركض أو الذهاب للجم أو ما شابه يغطي على الأفكار والمشاعر السلبية وهذا هو ما يساعد في التخلص من تلك المشاعر