خلال مطالعتنا للعديد من الكتب نجد التعبير يتأرجح بين وضوح التصريح وسحر التلميح، وكأن الكُتاب يسيرون على حبل رفيع بين التصريح بالحقيقة وإغراء القارئ باستكشافها. فمثلا نيلسون مانديلا، في كتابه "رحلتي الطويلة من أجل الحرية" يمثل قوة الكلمة الصريحة، إذ اختار أن تكون كتاباته مرآة واضحة لنضاله، وصوتًا مسموعًا ينادي بالعدالة. بالنسبة له، الصراحة ليست مجرد أسلوب بل وسيلة لتغيير الواقع، حيث لا يترك مجالًا للشك أو التأويل. "الحقائق المباشرة" كما يراها.. قادرة على كسر القيود.

أما هاربر لي، فاختارت في روايتها "أن تقتل طائرًا بريئًا" طريق التلميح، مستندة إلى حكمة أن الحقيقة حين تُكتشف تدريجيًا تترك أثرًا أعمق. أتيكوس في روايتها لم يكن خطيبًا يدعو للعدالة، بل مثالًا هادئًا يلهم القارئ لاكتشافها بنفسه. التلميح في نظرها هو حلقة الوصل بين الكاتب والقارئ، حيث يكمن الجمال في ما يُفهم بين السطور.

بين جهر مانديلا وهمس هاربر لي، يظهر الأدب كمرآة متعددة الأوجه. ويفترق القراء هنا بين من ينتظرون الحقيقة بفارغ الصبر ولا يملكون الوقت والقدرة لفك شيفرات الأدب.. وبين من يفضلون الغموض ويستمتعون بالوصول للحقائق التي يخفيها الكاتب تحت السطور بأنفسهم.

مما لاشك فيه أن الأدب يحتاج الى كليهما، لكن بالنسبة إليكم كقراء، أيهما أكثر تأثيرا عليكم وجذبا لكم؟