من الولاة إلى الموت ثمة طريق لابد أن نسير به، وهذا الطريق إما أن نختاره أو يختاره لنا الآخرين بالإجبار أو بالتأثير، حتى أصبحت سياسة السير خلف القطيع عادة طبيعية.

والغريب أننا عند اتخاذ قرار لا ندرك هل هو قرارنا أم أنه تأثير القطيع، فلا نعرف اختيار كلية الطب لأننا نرغب في أن نكون أطباء، أم لأن القطيع كله يحلم بها ويسعى إليها وإلى كل مهنة علمية رفيعة مثلها.

يبدأ الأمر من الصغر هنا فيسيطر على التفكير والتوجه والإرادة، حتى ينزع المرء من نفسه كل صور الحرية الشخصية، ويسير كأنه مجذوب ومكبل خلف القطيع.

وبعد التعود نصبح غير قادرين على تغيير المسار حتى لو كان شاق أو مؤسف نفضل البقاء به؛ بسبب الخوف من التحرر، وفي هذه الأزمة يقول محمد طه مؤلف الكتاب "الحرية مش بس أنك تخرج بره الصندوق، لكن كمان أنك تكون مستعد تعيش بره الصندوق لوحدك"

وإذا نظرنا حولنا سنجد أن المختلف قليل والأغلبية أصبحت نسخ مكررة من بعضها البعض وكأن الحياة في أعينهم ليس لها غير هذا الطريق.

فكيف نحرر أنفسنا من سرطان السير خلف القطيع دون أن نخسر أو نندم على ذلك؟