ناقشت في مساهمة سابقة أحد فصول كتاب "الخروج عن النص" لـ د.محمد طه، وكان هذا الفصل هو "المواقف غير المنتهية":

واليوم سأتحدث عن فصل آخر من الكتاب؛ لفَت نظري كثيرًا؛ وهو فصل بعنوان "الحاجة إلى الشَوَفَان" وهي عبارة باللهجة المصرية والمقصود بها هو حاجة الإنسان إلى أن يشعر بأنه ذو قيمة عند من حوله، وأنه شخص مهم لديهم..

ويناقش الفصل هذه النقطة من خلال الاستشهاد بحملة الإعلانات الشهيرة والناجحة جدًا التي قامت بها شركة كوكاكولا سنة 2014، حيث طبعت أشهر أسماء الأشخاص المنتشرة على عُلب المياه الغازية، مثل اسم أحمد، محمد، عمرو..إلخ.. وكان وقْع ذلك على المستهلك شديدًا؛ مما أدى إلى نجاح الحملة بشدة، وصار من يريد أن يشتري علبة مياه غازية يذهب ليبحث عن عبوة باسمه أولًا، كما انتشرت ظاهرة أن يقوم كل شخص بعمل شير على فيسبوك للعبوة التي تحمل اسمه، أو يقوم بعمل منشن لشخص آخر وهو سعيد للغاية..

ويرى الدكتور أن السبب وراء نجاح هذه الحملة هو أن الشركة قد ركزت بذكاء على الاحتياج الفطري لدى الإنسان لأن يشعر بأنه مهم وله قيمة عند من حوله، ومن أمثلة ذلك قيام الطفل بالحركات المشاغبة، والصراخ وكثرة الحركة فقط ليلفت نظر من حوله له ويتأكد من أنهم يلاحظونه..

لذا فمن أهم مسئوليات الآباء والأمهات؛ تلبية هذا الاحتياج لدى أطفالهم منذ الصغر، وذلك لأن عواقب إهمال هذه النقطة غير محمودة؛ إذ تساهم في خلق شخصيات غير سوية، كالشخصية النرجسية والشخصية الهستريونية..إلخ.

وبالتفكير في الموضوع، أشعر أن الإنسان بطبيعته يحتاج إلى تلبية هذا الشعور في جميع مراحل حياته، وإن كانت أهم مرحلة هي الصِّغَر؛ حيث إنها مرحلة التأسيس..

لذا أتفق مع رأي الدكتور؛ وهو أن المسئولية هنا لا تقع فقط على الآباء تجاه أبناءهم، ولكن أيضًا على الأزواج تجاه بعضهم البعض، وعلى الأصدقاء، والأهل..إلخ.

فبرأيكم كيف يُلبّي الآباء والأمهات هذه الحاجة لدى أبنائهم منذ الصغر حتى لا تنشأ هذه المشكلة؟

وكيف يمكن تطبيق هذا المبدأ ببيئة العمل؟

وكيف لمن كَبر وهو يشعر بهذا الاحتياج أن يتعامل معه ويعوّضه؟ وهل من الممكن أن يطلبه من الطرف الآخر؟