كنت قد انتهيت من فترة من قراءة كتاب "الخروج عن النص" لدكتور محمد طه، الطبيب النفسي، وقد راقَ لي الكتاب كثيرًا، واستفدت منه أكثر؛ لكثرة ما به من موضوعات تزيد من استبصارنا بأنفسنا..

ومن الموضوعات التي طرحها د. محمد طه في هذا الكتاب موضوع "المواقف غير المنتهية" وهي باختصار؛ تلك المواقف التي مازالت لا تفارق أذهاننا أو عقولنا الباطنة، وتتحكم في مشاعرنا، وردود أفعالنا كثيرًا حتى دون أن ندري، ودون أن ندرك أنها وراء الكثير من تصرفاتنا..

وقد ذكر الدكتور الكثير من الأمثلة على هذه المواقف؛ ومنها تلك المواقف التي قد تدور بينك وبين مديرك في العمل؛ والتي كنت تتمنى كثيرًا أن تعبر فيها عن وجهة نظرك الحقيقية، وتبوح بمكنون صدرك، أو برأيك في مديرك، ولكنك كتمت كل ذلك ولم تفعل..

أو موقف تعرضك للإهانة من مدرسك في المدرسة دون أن تستطيع أن ترد إهانتك فتحبس دموعك وكلماتك بصدرك..

ويوضح الكتاب أن مثل هذه المواقف يظل بداخلنا غير منتهي؛ مما يؤثر على رؤيتنا للعالم والأشخاص، ويدفعنا لمحاولة إنهاء هذه المواقف ولكن مع الأشخاص الخطأ..فتجعلنا نتحرك في الحياة وكأن هناك أحجارًا ثقيلة مربوطة إلى أقدامنا..

وقد طرح الكتاب عدة حلول لإنهاء هذه المواقف بشكل سليم؛ وهي:

مصارحة هذا الشخص والبوح له بالذي كتمناه في السابق

وقد يصعب كثيرًا تطبيق هذا الحل لعدم وجود هذا الشخص أو لعدم توفر الشجاعة الكافية لذلك..

من خلال السيكودراما

حيث نتخيل (في وجود المعالج النفسي) وجود هذا الشخص، ونستحضر الموقف كله من جديد، ثم نبوح له بكل ما أردنا قوله..

التسامح

وهي مرتبة عالية لا يقدر عليها كل الأشخاص..

الإحسان

وهو يقع في مرتبة أعلى من التسامح، وهي أعلى درجات النضج النفسي..

وعن تجربة شخصية فأنا أحاول كثيرًا تجنب خلق مواقف غير منتهية من الأساس؛ حيث أميل إلى المصارحة والعتاب أول بأول ومحاولة التعبير عن نفسي قدر الإمكان وقت حدوث الموقف نفسه..

وقد مرّت عليّ بعض الأحيان التي رجعت فيها إلى الشخصية الحقيقية المتسببة في هذا الموقف (بعد انتهائه) وصارحتها بمشاعري وبما أردت قوله وقتها، وقد أفادني هذا كثيرًا جدًا في الانتهاء مما يؤرقني..

ولكن في معظم الأحيان بالطبع يصعب تنفيذ هذا الحل كثيرًا..

فهل مررتم من قبل بمثل هذه التجارب واحتفظتم بمواقف غير منتهية بداخلكم؟

وكيف كان تأثير ذلك عليكم؟

وكيف تتصرفون حيالها؟