عندما نقول عن كاتب ما إنه كاتبنا المفضل فلا نقول هذا لأنه يكتب بشكل جيد أو لأن أسلوبه الأدبي مفضل أو أفكاره مبتكرة وحسب بل لأن هنالك جانبا آخر نحن ممتنون له وهو القدرة على الإضافة للقارئ، فمثلا القارئ لد. أحمد خالد توفيق سيكون ممتنا له بسبب إضافته العديد من المعلومات سواء الطبية والعلمية أو الأدبية ففي أول عدد من ما وراء الطبيعة تجده يشير إلى كتاب فلسفي وهو هكذا تكلم زرادشت وفي بقية الأعداد تجده دائما يقوم بالإشارة إلى مؤلفين لم نكن نسمع عنهم من قبل، بالإضافة إلى مشروعه الضخم في الترجمة فقام بترجمة أكثر من مائة رواية عالمية فكان بمثابة بوابة لتعريف القراء بالأدب العالمي وفتح أفاقا فكرية جديدة للقراء فهذا النوع من الإضافة هو ما جعل مقولة جعل الشباب يقرءون ملتصقة به ليس لأنه أفضل كاتب في الوجود ولكن لأنه كان نافذتهم على العالم. وربما يضيف الكاتب لك القدرة النقدية أو معلومات تاريخية أو دقة في نقل أحداث معينة في فترات معينة كل هذا يندرج تحت بند الإضافة. فما الذي قدمه لك كاتبك المفضل وأنت ممتن له عليه؟
ما الذي قدمه لك كاتبك المفضل وأنت ممتن له عليه؟
لن أتحدث هنا عن كاتبي المفضل فحسب، ولكن هناك كتاب أضافوا لي الكثير والكثير فمثلًا:
طه حسين: أحب قدرته على التحليل والنقد وعرض المشاهد من وجهة نظر تحليلية متفحصة تعلمني الكثير.
فراس السواح: كتبه التاريخية والدينية من أفضل ما قرأت وهو يعلمني دائمًا أن أكون موضوعية قدر الإمكان وغير منحازة.
امرؤ القيس: ليس كاتبًا ولكن الشعر المنسوب له أجده أحيانًا يعطيني أفكارًا ومشاعر حياتية لم أعهدها ويساعدني على فهم مواقف حياتي بشكل أفضل.
وكذلك أبو العلاء المعري هو أكثر شاعر شعرت بالفهم والترابط مع تجربته الشعرية.
هاروكي موراكامي: طريقته في خلق الرمزيات والعوالم تجعلني أذوب فيها وبداخلها أتعرف على أفكار جديدة ومشاعر متنوعة غريبة دائمًا، لكن أستطيع اسقاطها على الواقع بسهولة
أرى هنا تنوعا كبيرا وتأثيرات مختلفة ومتنوعة، وبما أنكِ بدأتِ بطه حسين فأعتقد أن هذا من أفضل ما يمكن تعلمه من كاتب ما وهو القدرة على التحليل والنقد بمعنى أن الكاتب لم ينقل لك خبرات أو مشاهدات أو متعة فقط بل أكثر من هذا وهو إعطائك نظرة مختلفة للأمور، أتذكر أول من فعل هذا بي وقدم لي هذه الإضافة كان العقاد بسب أنني تعرفت عليه في سن مبكرة جدا في القراءة وبعدها توالت القراءات لكتاب كثيرون لطه حسين وابن خلدون وبعدها وجدتني انطلق في عوالم الكتب أتعلم وأنقد ما أشاء بموضوعية شديدة.
خاصة الكتاب الذين نتعرف عليهم في سن صغيرة فعلاً هم من يشكلون جزءًا كبيرًا من وعينا.
لكن بما أنك ذكرت العقاد فهو بالنسبة لي المضاد لطه حسين، حيث طه حسين أسلوبه سهل مستفيض وبه الكثير من التكرار والاطناب، على عكس أسلوب العقاد الذي وجدته مختصرًا وصعبًا على الفهم من أول مرة، هل هناك ما ترشحه للعقاد قد يغير هذه الصورة؟
تعجبني كثيراً كتب الدكتور مصطفى محمود مثل كتاب لغز الحياة، الذي يمنحنا فرصة التعمق في خلق الله من حيوان ونبات، ويناقش العديد من نظريات علم النفس بشكل منطقي ومقنع، كما أنني ممتنة له لأنه جعلني أكثر معرفة بالطرق الصحيحة لتطبيق تعاليم الدين، والتعمق في آيات الله تعالى، والتعرف على مختلف الحقائق باستخدام الآيات القرآنية والأدلة القاطعة.
على الرغم من أنه لم يوفقه الحظ في بعض المواضيع التي طرحها في محاولة لربط العلم بالدين ولكن أغلبها كان بالفعل عبقريا وبسيطا في نفس الوقت لدرجة أنه يصل إلى أبسط العقول لهذا أنطلق بعمل برنامجه للوصول إلى شريحة أكبر، خارج عوالم الكتب، كانت له قدرة كبيرة على الشرح وتبسيط المعلومات، أرى أنه يعتبر الأب الروحي لبرامج تبسيط العلوم في الوطن العربي.
التعليقات