التضحية مفهوم معقد يتراوح بين كونه أسمى القيم الإنسانية وبين اعتباره عبئًا يفرضه المجتمع.

ربما جميعنا نعرف ونؤيد النظرة الاولى للتضحية كفعل نبيل، وقد تجسدت في رواية "البؤساء" لفيكتور هوغو بأبهى صورها عندما يضحي جانفالجان بحريته وراحته لمساعدة الآخرين، او حتى عندما تضحي فانتين من أجل ابنتها.. نرى هنا التضحية كواجب أخلاقي نبيل، وفي واقعنا نتذكر مثلا الأطباء والممرضين الذين عملوا في الصفوف الأمامية خلال جائحة كورونا رغم المخاطر الشخصية، هم مثال حي لهذه الفكرة.

لكن هذه الرؤية قد تُغفل أحيانًا العبء النفسي والجسدي الذي يتحمله المُضحي، وقد تُستخدم لتمجيد المعاناة، وهذا يقودنا للنظرة التالية التي تبدو أكثر واقعية كما عرضها أوريل في رواية "مزرعة الحيوان" حيث يتم استغلال مفهوم التضحية من قبل القادة لتبرير ظلمهم للأتباع. وأن التضحية ليست دائمًا نابعة من إرادة حرة، بل تُفرض اجتماعيًا أو سياسيًا لتحقيق أهداف معينة مثل العمال الذين يُطلب منهم التضحية براحتهم وسلامتهم لضمان أرباح المؤسسات هم ضحايا هذا النوع من التضحية المفروضة.

هذه النظرة قد تبدو تشاؤمية، إذ تركز فقط على الجوانب السلبية، وتتجاهل الأمثلة التي تعكس التضحية الحقيقية النابعة من حب وإرادة حرة مثل الطرح الأول.

بين هذه الرؤى المتباينة، كيف ترى مفهوم التضحية في حياتك، فعل نبيل يُعطي للحياة معنى، أم أنها أحيانًا وسيلة لاستغلال الإنسان؟