قبل مدة وفي أثناء سفري، بدأت بقراءة شقة الحرية التي تتحدث عن حياة مجموعة من الشباب الخليجيين في القاهرة خلال فترة الخمسينيات والستينيات ومعاناتهم في شعور الاغتراب الذي يواجههم بكل شيء تقريبا، بداية من الشوارع والمباني وثقافة البلد، فالبحث عن الهوية الشخصية في ظل الاغتراب هو تحدي مازلنا نواجهه لليوم حتى ولو كنا بين أهلنا، حيث أضحى الاغتراب بالنسبة لنا هو عدم الانتماء وعندما نتوقف عن الانتماء لمكان ما، أو أشخاص ما، يبدأ شعور الاغتراب بالاستحواذ علينا وتبدأ هويتنا الشخصية بالاضطراب، حيث أن للظروف المحيطة بنا أثر على استقرار الهوية ونموها، لذا من خلال تجاربكم كيف نتعامل مع شعور الاغتراب خاصة وأنت بين عائلتك؟
رواية شقة الحرية: كيف نتعامل مع شعور الاغتراب؟
أعتقد أن الحل يكمن في البحث عن علاقات صداقة طيبة تجعل الفرد يشعر بالأمان والسلام الداخلي، ويعوض ما يفتقده من حب لم يتمكن من الحصول عليه وسط أفراد عائلته، إذ أن الاندماج وسط أشخاص يشبهوننا ويبادلوننا الحب والتقدير يساعدنا على التعافي من شعور الاغتراب لا محالة.
لذا من خلال تجاربكم كيف نتعامل مع شعور الاغتراب خاصة وأنت بين عائلتك؟
لأن هوية الإنسان داخله بالأساس، وليست بالمكان أو بالأشخاص أو اللغة أو السلوكيات، إلخ. الإنسان يحمل هويته أينما ذهب. هو اختار أن يكون ذلك الشخص الذي حدده لنفسه، وبالتالي لا يفرق معه لو كان بين عائلته أو لم يشعر بوجودهم، ولا يفرق معه إذا كان في بلده أم بلدٍ غير بلده. الهوية تاريخ وعقيدة وأفكار، وكل هذه الأمور معنوية فلا مكان لها سوى عقل الشخص وقلبه.
لا الهوية ليست تاريخ وعقيدة وفكر فقط، بل هى (التاريخ + الدين + اللغة) وأفكارنا واللغات التى نتحدثها وسلوكياتنا تمثل هويتنا، هى حقاً ليست بالأماكن ولا بالأشخاص.
اللغات التى نتحدثها وسلوكياتنا تمثل هويتنا
بالضبط هي "تمثل أو تعبر عنها"، وليست هي الهوية نفسها.
السلوكيات -والتي منها اللغة- تعبير عن الهوية. تقول أنا أرتدي هذا الجلباب لأنك "تعتقد" أنه سُنّة أو لأنك "تعتقد" أن أجدادك كانوا يرتدونه. أيًا كان المرجع عقائدي أو تاريخي. المهم أن السلوك (لبس الجلباب) ليس إلا نتيجة لما هو مترسخ في عقلك عن شكل هويتك. سواء ارتديت الجلباب أو البنطال ستظل هويتك في عقلك محفوظة وستستدعيها حين يتطلب الأمر.
أظن أن التواصل مع أناس يشبهونك حتى لو كان فقط عبر الإنترنت سيقلل كثيرا من إحساسك بالغربة.الكلام معهم، وتبادل الخبرات والتحديات يكون ملهما، ويدعم استقرارك العاطفي كثيرا، ويشعرك أن الأمر ممكن. ستتطلع للحديث معهم، ومقابلتهم، والنقاش معهم عن الأمور التي تهتم بها حقا. هذا إذا كانت البيئة المحيطة بعيدة عنك تماما.
من الأمور الغريبة التي طالما فكرت فيها أن الإنسان كلما كبر في السن، اغترب عما حوله أيضا. هذا ما ذكره الكثير من المحيطين بي ممن كبروا في العمر، يقولون أن الزمان تغير كثيرا، ورغم كونهم يعيشون في نفس الأرض، لكنهم يحسونها مكانا مختلفا تماما. لذا، ربما مكتوب علينا الإحساس بالغربة، والحنين سواء رحلنا عن أوطاننا أو بقينا.
صحيح! فكبار السن يبدون في العودة لذكريات شبابهم وطفولتهم ويغوصون عميقاً فيها فتصبح الغربة أشد وأشد، حتى أن بعضهم يتمنى أن تنتهي حياته عند هذا الحد ولا يشعر بغربة أكبر في كل شيء حوله
بصراحة، الموضوع أسوأ حتى من الاغتراب. ويستجق النظر فيه، وإيجاد حلول لهم.
لقد عاشت جدة أمي حتى لحقت زمني. ومما رأيت، الحياة تصبح صعبة جدا، وقد كانت دوما تشتاق لكل من عرفتهم، وماتوا. أظنه إحساس صعب؛ إن كل من تحبهم قد سبقوك، وبقيت وحدك. لكني ممتنة جدا لكونها عاصرتني، وما تعلمته منها لا يقدر بثمن. الله يرحمها ويغفر لها.
طالما بين العائلة أظن أن الأمر أصبح أسهل وخصوصاًُ لأننا سنحاول الحفاظ على عاداتنا وتقاليدنا التى تعودناها فى البلد الأم، أما طبيعة المنازل وأشكالها هذا شئ يتأقلم عليه أى شخص مغترب.
اولا عليكِ ان تفكّري بطريقة ايجابية، لانّ بمجرّد وجود العائلة معك في الاغتراب ستكونين بخير مهما كانت الظروف، و لكن من الطبيعي الشعور بالحيرة لأنك ستبدئين من نقطة صفر في بناء العلاقات الخارجية و البحث عن ذاتك، سواء في العمل او الدراسة او تعلّم اشياء جديدة، او بالخروج و التعرف على البلد المغتربة اليها، و الوقت كفيل بأن يجعلك تستقرين نفسياً و جسدياً.
اذا تحدثنا عن الانتماء الفكري فجميعنا لا ننتمي للمحيط الذي نحن به، لاننا كبشر مختلفون، و كلّ منا يصنع في خياله حياةً مختلفة عن الاخر، فغالبا لا نتقبل العقول و الافكار و التصرفات الخارجية، لكنّ الحياة لا تسير هكذا، و نحن نعلم جيداً اننا ان لم نتأقلم مع هذا الاختلاف فلا يمكننا العيش، فالطريق الامثل برأيي هو التعايش و التعوّد، و ترك الحياة المثالية التي نحلم بها لأنفسنا، و العمل على تحقيقها لو على المدى البعييد.
اتمنى لو كانت عندي القوة لتحمل الاغتراب، لكنت قد انجزت الكثير و الكثير، خصوصا من ناحية مالية وعلمية، لكن لا استطيع ولا اجد ان العمر يسوى بدون ان يمر علي يوم وانا لم التقى بأهلي!
الغربة بين الاهل اصعب شي في الحياة من وجه نظري، اذا شعرت انك غريب بين اخوانك وامك وابيك فهذا الوضع يحتاج لحل هذه مشكله حقيقية بالفعل، لكن ان كان الشعور هو عدم الانتماء للمجتمع المحيط فاتوقع يمكن التعايش معه، مررت بذلك كثيرا، كل ما يهم هو العائلة المقربة ( زوجي، امي وابي ، اخواني واخواتي).
التعليقات