هل تكون المعرفة يومًا أكثر من اللازم؟ الأمر غريب لأنه بالنسبة لي المعرفة شيء إيجابي ومتى عرفنا أكثر متى استفدنا أكثر ولكن هل سنصل يومًا لأن نعرف أكثر مما يجب؟

يشاركنا أحمد خالد توفيق تلك الرحلة في روايته مثل إيكاروس وهي رواية قرأتها منذ فترة وأعجبتني فهي تقص قصة شخص اقترب من الحقيقة أكثر من اللازم وعرف أكثر مما يجب أن يعرفه فلم يحتمل ذلك واحترق وذاب جناحاه وسقط من حالق ليغرق وسط محيط ثائر كما حدث في الأسطورة اليونانية لإيكاروس!

أحداث الرواية تدور عام 2020 (وقد كان مستقبلًا بالنسبة لزمن كتابتها) وتمتد إلى المستقبل ثم تعود إلى الماضي وتجتمع كل خطوطها داخل حجرة للعلاج النفسي يمكث بها محمود السمودني بطل القصة الذي عرف أكثر مما يجب معرفته لدرجة أنه يستطيع قراءة أحداث الماضي والمستقبل!

يزور الناس محمود في مصحته النفسية ليخبرهم بأسرار حياتهم أو يتوقع مستقبلهم وبالطبع لا يكون الأمر دائمًا صاحب نهاية جيدة! ما تعرفه لا يؤذيك ويكون الظلام أحيانًا أكثر أمان من النور.

فإذن للحقيقة ثمن وللمعرفة ثمن وعليك دائمًا أن تدفع ذلك الثمن وهناك مثل منتشر يقول إن الجهل نعمة وقد حاول الكاتب جاهدًا أن يرينا ذلك وقد أرانا إياه فعلًا.

وبمناسبة الأساطير اليونانية فقد ذكرتني قصة إيكاروس بقصة أوديب الذي كان ملعونًا بقتل أبيه وزواج أمه دون أن يدري ومضت السنوات حتى ارتكب تلك الجرائم قبل أن يعرفها ولكن استقرت حياته وملكه وعائلته فهل كان يجب أن يعرف ويدمر كل ذلك؟ وهل كان الجهل نعمته حينها؟ 

وإذن خارج جدران المصحة النفسية وخارج جدران الرواية والأساطير هل المعرفة نافعة دائمًا؟ أم أن هناك أشياء لا يجب أن نعرفها على الإطلاق؟ وهل تصبح المعرفة قاتلة يومًا ما؟