يجد الكثير من الكتاب أصحاب الأعمال الأدبية العربية صعوبة في ترجمة أعمالهم، بينما يجدون الترجمة سهلة جدًا عندما يتعلق الأمر بأعمال غيرهم. الأمر الذي يجعل البعض لا يوافق على ترجمة أعماله سواء من قِبله أو من قِبل غيره خاصة وإن كان على معرفة باللغة التي سيتم ترجمة أعماله إليها.

رأيت هذا الأمر في ذاتي عندما قررت ترجمة إحدى قصصي من العربية إلى الإنجليزية، الفكرة أنني رأيت أنّ اللغة الإنجليزية لا تفي القصة حقها من جماليات، فقد رأيت أن المصطلحات الإنجليزية جامدة أمام المصطلحات العربية.

يقول الجاحظ: (لابد للترجمان من أن يكون بيانه في نفس الترجمة، في وزن علمه في نفس المعرفة، وينبغي أن يكون أعلم الناس باللغة المنقولة والمنقول إليها، حتى يكون فيهما سواء وغاية ) 

وأقول أنا أنّ الأمر قد يكون كذلك إذا ما قام أحد آخر غير الكاتب بترجمة العمل. وإلا فإنه سيقضي نصف عمره في محاولة إيجاد ما يترجم مشاعره التي صبّها في العربية إلى اللغة الأخرى.

الأمر يتعلق بمشاعر الكاتب أكثر من كونها كلمات، فقد يكون الكاتب وُكِّل بمهمة كتابة موضوع معين لا يجد شغفه فيه، فالأكيد أنه سيترجمه بلا شعور بالانتقاص من اللغة الأخرى. ولكن إن صبّ الكاتب مشاعره وما يجول في مخيلته في ما يكتب، فسيكون من الصعب جدًا عليه ترجمته إلى لغة أخرى، من باب أنّ اللغة الأخرى ستقف حائلاً أمامَ مشاعره لا أمام كلماته.

فمثلاً تمت ترجمة رواية رجال في الشمس لغسان كنفاني إلى الإنجليزية، الترجمة الإنجليزية كانت جامدة بالمقارنة مع الرواية العربية، فالترجمة لم توضح مقدار الألم النفسي والجسدي الذي عاشه أبطال الرواية والذي انتهى بالموت، بل طرحت الألم على أنه جسدي فقط. وهذا يُعد ظلمًا بحق الرواية الأصلية، فالألم النفسي يقتل ألف مرة مقارنة بالجسدي.

وكذلك الأمر في قصة قوارب الموت للصحفي أنس أبو شمالة التي تمت ترجمتها إلى الإنجليزية، كانت باردة مقارنة بحرقة الفراق التي شكله موت الأبناء في عرض البحر.

في ذات الوقت أرى أنّ الكتابة من البداية باللغة الأخرى أسهل من الترجمة إليها من اللغة العربية.

ما رأيك في قول الجاحظ؟ وهل ترى أنّ من الصعب ترجمة الأعمال العربية خوفًا من فقدانها رونقها؟