كافكا الذي يعد رائد الأدب الكابوسي، يستهل روايته المسخ أو الانمساخ ب”استيقظ غريغور سامسا ذات صباح بعد أحلام مزعجة، فوجد نفسه قد تحول في فراشه إلى حشرة”.هذه المقدمة التي عندما قرأها غابرييل غارسيا ماركيز قرر أن يصبح روائياً كما يقال..
غريغور ذلك الشاب العادي الفقير البائس، يعود كل يوم من عمله كبائع، يعيل أمه وأخته المغرمة بتعلم الكمان وأبيه العاطل عن العمل. لم يكن غريغور يرى لنفسه أي أهمية وليس لديه ملامح لشخصيته، ليس لديه شيئًا مميزًا، هو فقط يعمل ويعود لينام، وهكذا، إلى أن استيقظ ليجد نفسه قد تحول إلى حشرة، وهنا يبدع كافكا في نقل الصورة الحسية، فيكاد القارئ يسمع صوت قرقعة ضلوع الحشرة عند محاولته القيام من تخته، ويستمر كافكا بعرض المشهد من خلال مونولوج داخلي عصيب، وما أن يتعرف أهله عليه حتى يهجروه، يسرد لنا كافكا معاناة غريغور في الهجر والوحدة والمسخ، في النهاية مات غريغور نتيجه إصابته بجرح عميق إثر تفاحة رماها والده عليه محاولاً قتله، وقد تعفن جرحه فيما بعد لكن السبب الأول كان موته جوعاً و عدم قدرته على اﻷكل بسبب عدم ملاءمة الطعام له وعدم اكتراث العائلة لإطعامه.
يقول كافكا: “كيف أصبحت الشخص الذي أنا هو؟ هل أنا نفسي فعلا، أم صنع مني الآخرون بالأحرى الشخص الذي أنا هو؟" وفي هذا السياق فقد روى كافكا صراعه الخاص إذ إن غريغور في الرواية هو انعكاس كافكا نفسه الذي عانى من مرض في الرئة وآلام حنجرته ولم يكن يستطيع الأكل فمات من الجوع حرفيًا في سن الأربعين!
وحاول كافكا نقل معاناته وكيف أن المرض جرده من قيمته كما تجرد غريغور من آدميته حين أصبح حشرة، وهذا وصف قاسٍ جدًا، بيد أن الآخرين تخلو عنه، فهو يعتقد أن الإنسان لا شيء، وأن قيمته فيما يملك فإذا خسر ما يملك نتيجة المرض أو الفقر أو أي شيء آخر، خسر هذه القيمة المكتسبة، فهل تتفقون معه فيما يطرحه؟
وهل قمتهم بقراءة هذه الرواية القصيرة من قبل ؟؟
التعليقات