كم متوسط عدد الكتب التي يقرأها الشخص في العام الواحد؟

الفكرة المهمة هنا هو ما تراه في القراءة؟ وبما أنك تعترف بأهميتها وفوائدها وهذا جيد كبداية، فما علينا إلا توجيه السؤال بشكل محدد أكثر لأنفسنا ما أهمية وفوائد القراءة لنا بشكل خاص، لك أو لأي شخص يريد أن يقرأ.

أرى أن القراءة لا تأتي بشكلٍ عام وعشوائي، يجد أن تمتد داخلك عبر مسار خاص بك تفهمه وتناسبه مع اهتماماتك حتى تستمر.

لذا التركيز على ماذا نقرأ في البداية، وكيف يُكَوّن لنا هذا الكتاب اهتمامات أخرى تجعلنا نتعطش ونبحث عن كتاب آخر هو أمر هام.

كذلك الفضول وحب المعرفة هي من أقوى الأمور التي يحتاج الإنسان إلى تلبيتها ويتطلع دائماً لإيجاد الطرق لفعل ذلك.

إذاً ما الذي تفضله؟ ما الذي يثير فضولك ويحثك لطلب هذه المعرفة؟ من ثم ما هي الكتب الكتب الملائمة لك لقراءتها.

أما الأمر الذي يمنحك استمرارية القراءة هو قدرتك على تكوين عادات القراءة حسب الوقت الذي لديك، هناك أشخاص يجبرون أنفسهم على القراءة يومياً بساعات محددة وقد يكون هذا مفيد كبداية في تكوين مثل هذه العادات، لكنه غالباً لا يدوم، العادات التي تتكون من حب الشخص بشكل أساسي لما يقرأ هي تلك التي تخلق داخله تدريجياً نَهّم القراءة.

ما هي نصائحكم لي لكي أقوم بإدخال عادة القراءة كعادة يوميّة مستمرّة؟

لا أعلم حقيقةً كيف يسير يومك أو ما هي ظروفك وهذه عوامل أساسية في تحديد العادات القرائية لكل شخص، شخصياً لدي عادة القراءة ساعتين يومياً نهاية الليل، وأحياناً يمتد الوقت حسب الكتاب الذي أقرأ.

لذا حاول التعرف على نفسك واهتماماتها وابحث عن الكتب التي ترى أنك شغوفاً بها سواء أكانت فكرية أو روائية، إن نجحت في تخصيص 15 دقيقية بشكلٍ حُر وليس إلزامي، فتخيل أنك تستطيع قراءة أضعاف العدد الذي قرأته العام الماضي!

حسب تقرير صادر عن الـ BBC في إيجاد حلول لكيفية قراءة كتب أكثر كل العام، فإن قضاءك 15 دقيقة يومياً في القراءة سيمكنك من قراءة مليونين و160 ألف كلمة كل عام، أو ما يعادل 20 نسخة من كتاب يحتوي على 300 صفحة.

فإن حافظت على هذه الخمسة عشر دقيقة يومياً سيكون هذا مثمراً جداً، ومع اختيار كتب مناسبة لاهتمامك من الممكن أن تتطور الممارسة لتتبع دقائق أكثر وأكثر في القراءة وكلما ارتفع المعدل سيرتفع معدل قراءتك للكتب على مدار العام.

اتفق معك يا خالد أحيانًا أشعر نفس شعورك، حيث أظن أنّ البعض يقرأ فقط من أجل أنّ يقولوا الأشخاص من حوله أنّ يقرأ، وأنّه مُثقف ... إلخ، فيقوم هذا الشخص بتقمص الدور، وقول أكليشيهات، واقتباسات لا فائدة منها بغرض أنّ يُريك أنّه العبقري المُثقف الذي لا يوجد منه أثنين في العالم ... لا مشكلة لدي في هذا، فـ كل شخص له حرية التصرف فيما يُريده، ولكن لا تأتي وتُنظر علي ...

ولكن في نفس الأوقات أظّن أنّ شعوري خاطئ، وهذا من باب على حسب مجال الشخص، على سبيل المثال، مُعظم من أعرفهم في مجال التسويق، والإيكوميرس، والأفلييت، وهنا لا أقصد المُبتدئين، بل المُخضرمين في المجال، يقومون بقراءة كُتب فعلاً عبارة عن نشاط عقلي كثيف، يجعلك تُعيد كل حساباتك في بعض الأحيان بما تعلمته سابقًا، أو ما تفعله مهما كُنت مُخضرم بمجالك، وهذا ما شهدته فعلاً عند جلوسي مع الكثير من الأشخاص في مجالي من الذين يقرأون الكتب، حيث ألاحظ تطور كبير في طريقة التفكير، وطريقة التنفيذ في العمل بناءً على ما قرأوه ... لذلك أقول شعوري خاطئ، قد يكون الشخص استفاد بشكل كبير، وغير ضروري أنّ يظهر هذا الأمر من نقاش أو اثنين أو بعض الإقتباسات التي يقوم بنشرها.

في كل الاحوال القراءة في كل شيء هي التي تعطيك نظرة بانورامية للحياة ، وتمنحك اهم شيء على الإطلاق : الوعي الكافي الذي يستحيل ان يجعلك مطيّــة للآخرين .. لا يوجد قارئ مخضـرم يسير في الجموع أو تُملى عليه الاوامر .. بينما فقير الثقافة - حتى لو كان متميزًا في تخصصه - من السهل أن يسير وسط القطيع ..

وبمعنى أوضح أو المُهم أن يكون هناك ( مُدخلات ) لهذا العقل .. بأي طريقة ، سواءً بقراءة الروايات أو بمطالعة الأفلام أو مطالعة المراجعات ، أو حتى الاستماع لملخصات الكتب .. فكـرة العقل الذي يتداول افكاره الخاصة فقط ، دون أن يفتح الباب الى مُدخلات قادمة من الخارج تنمّي هذه الافكار وتطوّرها ، هي اسوأ شيء يحصل لأي أحد منا ..

مع أنّي مثلك تمامًا أكره الروايات

أم يقرؤون بقصد التسلية فقط و نشر الاقتباسات؟

بالفعل هذا ما حصل معي ، حيث عندما كنت في السنة الثالثة من الجامعة ، كُلفت من استاذي لقراءة كتاب ، وتلخيصه مع التأكيد على استخلاص الاقتباسات منه ، اعتقد هو كان يحاول أن أُستخلص النقاط المهمة والاقتباسات فقط .

أتفق بدايةً على أهمية ما نقرأ وقد ذكرتُ بدايةً بأن أهمية الكتب تكمن في تأثيرها وفائدتها على حياتنا ولذلك في استمرارها أهمية كبيرة لنا.

لكن لا يمكننا التعامل مع نشاط القراءة كمعادلة حسابية وكأن الكتب جيدة والروايات سيئة ومن ثم نصنف القرّاء على هذا الأساس كأن نقول أن القارئ الذي يقرأ الكتب الفكرية هو قارئ أكثر ثقافة من الذي يقرأ روايات الخيال والفنتازيا!

اهتمامات البشر ليست موحدة وكذلك صفاتهم وخصائصهم وعلى هذا الأساس ستختلف أهداف القراءة بالتأكيد من شخص إلى آخر، حسب ما يجده شبيها وملائماً لاهتماماته وهذا ليس خطأً إطلاقاً بل أمر هام في دعم ثقافة الشعوب ككل.

فحضارات الأمم تنهض على اختلاف مجالات ثقافتها ولكل مجال دوره الخاص في دعم الكيان المعرفي للشعوب والقراءة هي الطريقة التي من خلالها يتفاعل الآخرون مع مجالات هذا الصرح الثقافي.

شخصياً بدأت القراءة منذ المرحلة المدرسية وكنت أقرأ الأدب البوليسي للكاتب المصري نبيل فاروق وهي من جذبتني لاستمرار القراءة ومعرفة المزيد وتخصيص المال لشراء الكتب، انتقلت بعدها للأدب المتخصص والروايات الهادفة مثل روايات غسان كنفاني وفي فترةٍ ما كنت أقرأ التنمية البشرية بشكلٍ نهم ومنذ سنوات أقرأ الكتب الفكرية بدرجة أولى.

ولكني ما زلت أحب أن أقرأ الروايات والسير الذاتية وأدب الفنتازيا والخيال العلمي وأخصص الوقت لكل هذه الأنواع، ولا أجد أنني أستفيد من واحدة دون الأخرى، كل لون له أهميته وفائدته ووقعه وتأثيره على النفس.

القراءة هي نشاط عقلي كثيف هل تعتقدين أن القرّاء العرب يمارسون نشاط عقلي كثيف ؟ أم يقرؤون بقصد التسلية فقط و نشر الاقتباسات؟

في رأيي هذه حريات شخصية تتبع كما قلت لكل شخص وما يحب أن يقرأ، القراءة عادة سلسة ونشاط غنّي فيها تهذيب للنفس وللغة واحترام للفكر وتنمية الشخصية، وأرى أنه في تحديدنا لها كنشاط عقلي مكثف سيفقدها جُلّ هذه القيم الجميلة.

اتطلعت على الدراسة نورا وحقاً نتائج مثيرة

لذلك لا يمكنك القراءة فقط لمدة 30 دقيقة يوميًا في كثير من الأحيان وتتوقع نجاحها. هذه 30 دقيقة مخصصة يوميًا

هذا صحيح وإن لاحظنا أن الأمر ليس مقاساً ومفروضاً بشكل صارم، أي أنه يمكنني تحديد 30 دقيقة يومياً للقراءة لكن فعلياً تطرأ على الإنسان ظروف وأمور لا تجعله قادراً على ذلك وقد يعوض هذه المدة في اجازة الأسبوع أو العطل الرسمية.

الفكرة أن تكوين عادة القراءة هو شيء مهم ولو بدأ الإنسان يومياً بقراءة من 15-20 دقيقة فأظنه سيكون قادراً على تحسين المعدل بناءً على قدرته على الاستفادة وليس بأولوية ظروف اليوم التي تحصل معه.

إن قضى مثلاً 30 دقيقة في القراءة في اليوم الأول ومن ثم وجد الكتاب شيق وأكمل قراءته ليصل لثلاث ساعات فهنا هو قد زاد بشكلٍ ما معدل القراءة ما إن سمح له وقته بهذا، ويختلف الأمر بالتأكيد كلما تنامت هذه المقدرة ولا يمكننا إغفال ما يطرأ يومياً على حياة الإنسان، وحتى إن لم يطرأ شيء، قد يأتي الأمر من مزاج كسول فقط (ليس دائم)، وهذا كله متفهماً لأن طبيعة الإنسان تتطلب هذا التفهم، لكن من الأفضل ألّا يكون هذا دائماً لأن خلق العادة اليومية للقراءة هو أمر هام جداً لتحسين المعدل في كل مرة.

يبدو أنكِ قارئة نهمة ندى، حقاً نتائج رائعة

أستخدم أيضاً Goodreads منذ ستة أعوام، في الحقيقة شاركت في العام الثاني في تحدي الكتب واخترت الكتب والرويات التي سأقرأها لكن بعد خوضي التجربة شعرت بأنني أجبر نفسي بشكلٍ ما على القراءة فقط لإنهاء الكتاب وتسجيله في قائمة القراءة وهذا أدى إلى تقليل تركيزي في الفائدة فتركت هذه التحديات وأصبحت أتبع مسار وخطة خاصة بي كل شهر ويتبدل الأمر ويتغير حسب الكتب التي أقرها لأنني أتوجه الآن أكثر إلى الكتب فكرية وهي لا يمكن معاملتها كقراءة الروايات، وهذا يعطيني معدل متفاوت كل سنة ولكني أخرج بفائدة دائمة كذلك عدد جيد جداً.

أعجبني أنكِ استطعتِ التعامل مع هذا التحدي لذا أود سؤالك عن أهم الأمور التي واجهتكِ على مدار العام في التزامك بقراءة هذا العدد؟ وكيف تجدين تأثير هذه الكتب عليكِ؟

اعتقد عند قراءة الكتب ، يجب أن نسأل أنفسنا ، هل نستمتع بها حقًا ، أم أننا نقرأ مجرد فقط تكوين عدد من قراءة الكتب وأن ما يُهمنا فقط متى سأنتهي من هذا الكتاب وغيره؟

تماماً يا هدى، هذا الإسقاط خاطئ عند الكثيرين خصوصاً ممن هم حديثو القراءة، لكن استمرار القراءة يضمن لنا الفائدة المستمرة في تطوير بناءنا الشخصي.

ولأن هذا يحدث معي شخصياً في كثير من الأوقات، فأجد أنني أخصص عدد من الكتب بينما تأخذني فائدة كتاب ولا أستطيع أن أكمل العدد المحدد وهنا أتبع الفائدة ولكن هذا لا يمنعني من الاستمرار في إنهاء عدد معين كل عام.

خروجنا من دائرة الاستمرار بالتالي توقفنا عن تغذية عقولنا بما هو مفيد هي ما أحاول التركيز عليه في هذا الصدد، البعض يقول أن الأهمية في ماذا نقرأ ويقرأ كتابين فقط على هذا الأساس، وهذا قرار شخصي وله الحرية في ذلك، لكن كل هذا الوقت الثمين الذي نملكه على مدار العام كافي لأن يضيف لنا أضعاف مضاعفة من تلك الفائدة ولكن ربما يكمن الأمر في كسل الإنسان وطبيعته في تأجيل الأمور والاكتفاء منها.

متوسط جيد كبداية، يمكنك تحسينه بالطبع إن حافظت على هذا المعدل وحاولت زيادته كل عام، في رأيي أن تقوم بتصغير الأمر فمثلاً تحدد شهرياً عدد الكتب التي ستقرأها وتركز عليها وما إن ينقضى الشهر المحدد حتى تقوم بتحديد كتب جديدة للشهر التالي، ربما تلمس النتائج بشكل أفضل دون ضغط الوقت عليك أو الانتظار الطويل في نتائج كل عام.

لا أعلم إن كانت هذه الطريقة ملائمة لكنّي قمت بها وكانت طريقة ناجحة أفضل من تلك التي جربتها في تحديد أهداف للقراءة سنوياً.

في الحقيقة لا نعرف فعلا مدى صحة تعميم هذه الاحصائيات والنتائج

يمكنك الإطلاع على تفاصيل أكثر حول هذه الدراسة ، أرى أن التفصيل مهم جداً في فهم اعتمادات الدراسة وتعميمها.

بالنسبة لى كان معدل القراءة في الفترة السابقة جيد ويختلف حسب انشغالي فأحيانا يكون ساعة في اليوم أحيانا أخرى 3 ساعات فأكثر وفي أيام لا أقرأ كتب لكن يتم تعويضها بالمقالات ومصادر المعلومات الأخرى.

مصادر القراءة مختلفة بالطبع خصوصاً مع هذا الكم الهائل لانتشار المعلومات على المواقع الإلكترونية وهي مفيدة ومثرية جداً، لكن الفكرة تكمن بقراءة كتاب متكامل العناصر والتخصص ولهذا من الممكن أن يضيف لكِ أموراً بنائية أكثر من مقال قصير قد نصادفه على المواقع المختلفة ونستفيد منه فعلياً لكن دون فهم بنائي للصورة الكاملة خلفه.

أرى أن معدل القراءة العالى فى مصر بسبب زيادة إنتاج الروايات فى مصر، فسوق الروايات فى مصر نشط بكثرة فى السنوات الأخيرة، وعلى الناحية الأاخرى فإن الكتب الحقيقية التى تناقش فكرة أو تعرض علمًا حقيقيا بدأت فى الإندثار ..

هذا صحيح، نسبة الروايات التي تُنشر مؤخراً عالية جداً ولا أجد أن محتواها جمعيها جيد، لكن الكتب الحقيقية موجودة وربما يذهب لها القارئ من خلال وعيه لاحقاً أن الكتب التي يقرأها (أقصد الروايات ذات الجودة المنخفضة)، ما هي إلا أمور عادية مقارنة بما ينضح به الواقع المصري من أدب عتيد من مسرحيات لتوفيق الحكيم وكتب فكرية للعقّاد، كذلك ثلاثية نجيب محفوظ وأدبه المترف.

وهل كل من قرأ روايتين أصبح مثقفا وعالما ؟

هذه قضية أخرى تخضع لعوامل كثيرة بالطبع، وهي قضية مهمة جداً في فهم العادات القرائية للقرّاء وتفضيلاتهم، لكن النظرة العومية تأتي بأن نسبة القراءة في تحسن بشكلٍ ما.

أرى أن الأهم من قياس معدل القراءة أن نعرف ماذا يقرأ الناس وبماذا يهتمّون بالفعل .

صحيح، ويجب أن نضع كوادر قادرة على قياس هذا وفهمه وتوعية الناس بشكل بنائي وتوجيهي، لكن من الصعب إيجاد مثل هذه الكوادر في الواقع العربي، لذلك تجد أن المؤشرات العالمية مثل تلك التي وضعتها في المساهمة بالرغم من أنها تطرح مقاييس عامة لكنها جيدة جداً في التعرف عالمياً على نسب القراءة خصوصاً تقدم دولتين عربيتين في هذا.

لا شيء يبدو سيئًا في قرءاة هذه الكتب كما تعتقد، هذه الكتب مرحلة من الرملحة التي لابد أن يمر بها أي قاريء ليطور عقله، حاول تجنب النظرة التشاؤومية دائمًا، كما أنه مخطيء تمامًا من يضع التنمية البشرية والذاتية مع هذه التصنيفات

نحن من قمنا بتوقع أكثر من اللزم في التنمية الذاتية، لم تخبرك التنمية الذاتية انه ستصبح غنيًا عندما تقوم بتخيل ذلك، مجرد دفعة ذاتية وتحفيز ليس إلا وقصص نجاح، لكن نحن العرب نتوقع ونتطلع الى تطلعات غير منطقية بالأساس

هذا صحيح، وقد كانت هناك مساهمة تعالج هذه المقولة بشكلٍ خاص قبل فترةٍ ما

أرى يا ياسمين أن النفس الطويل للقراءة يمنحكِ إياه بشكل أساس محتوى الكتاب الذي تقرأينه وهذا بالطبع سيتبع اهتماماتكِ بدرجة أولى ومن ثم فضولك سيقودك لاهتمامات أخرى.

لكني ألتزم بقراءة الفصل أو الجزئية التي تهمني منه.

لكن كيف تعرفين أن هذا الجزء أو الفصل سيحظى باهتمامك؟ هل تقرأين الملخصات أم أنك تحددين فصلاً بشكل منفصل وتقرري قراءته؟ ماذا إن كان الكتاب كتلة واحدة وغير مقسم لعدة فصول؟