الإحتمالات، عادة ما يجأ إليها أصحاب النظريات العشوائية المعرفية، فيأتي مثلًا ويخبرك "هنالك إحتمال لوجود أكوان متعددة وبالتالي هنالك إحتمال أن ينشأ الكون هكذا بسبب العدد المهول من الأكوان التي تكونت قبله"، وفي العادة الإحتمالات تأتي في جانب الدينيين، بداية من رهان بسكال، الذي يخبرك أن الإيمان ببساطة هو ما سيؤدي لأفضل نتيجة في عالم الإحتمالات، بالتأكيد لو مت ووجدت أن الله حقيقة أسوء بكثير من أن تموت وتجد أن الله غير حقيقي في حالة كونك ملحدًا.

ولكن لنتكلم حول نظرية من أعتى النظريات التي يتمسك بها الطبيعيون، وحجة من أجمل الحجج لبلانتينغا -أقوى فيلسوف مسيحي حي حتى الآن- حول التطور، الحجة ببساطة تقول:

  • بإفتراض مسبق أن النظريتان الإلهية والطبيعية صحيحتان بنفس الدرجة

  • هنالك إحتمال متساوي أن يكون التطور موجه او أن يكون غير موجه

  • التطور معقد جدًا

  • إذًا إحتمال أن يكون التطور موجه أكبر من إحتمال ان يكون غير موجه

بالتأكيد قد يبدو الشرط الثاني غريبًا للبعض، ولكن سأشرحه قليلًا، تعقيد الكون يعني على المستوى العشوائي أن إحتمال تكون الكون قليل جدًا، كيف؟ حسنًا:

مبدأيًا، نحن نعرف أن كل حدث يحدث في الكون يكون هنالك إحتمالين أساسيين قبل حدوثه هما : إما أن يحدث أو لا يحدث، بنسبة 50% إلى 50% بالنسبة للعشوائيين، ولكن في حالة حدوثه -تكون الخلية الأولى مثلًا- هنالك إحتمالات كثيرة موجودة مثل أن تنقرض الخلية بعد ثانية بعد دقيقة بعد ساعة...إلخ، أو أن يتكون ذراع للخلية وينطلق ناحية اليمين أو اليسار..إلخ، وكلما زادت عدد الأحداث الممكنة، قلت الإحتمالات، وبما أن التطور معقد أي أنه فيه الكثير الكثير من الأحداث، فإحتمال نشأته ضعيف بالإعتماد على النظرية الطبيعية القائلة بان التطور غير موجه.

وبالتالي في ظل النظرية المعرفية التي تؤمن بوجود إله يوجه التطور، فكل الأحداث نسبتها 100% وكذلك التطور، أي أن الناتج النهائي أن إحتمال كون التطور موجه داخل النظرية المعرفية الإلهية أكبر من إحتمال كون التطور غير موجه داخل النظرية المعرفية الطبيعية، أو شيئ من هذا القبيل.

أعرف أن هذا الكلام يبدو كالهراء، لأنه يبدو كذلك بالنسبة لي أيضًا، ولكن ربما لأنني لم أفهمه كفاية، ولكنه منطقي عند إعادة التفكير به، وأتمنى ممن لا يفرقون بين التطور والمذاهب الفكرية التي تتبنى التطور الا يدخلوا في النقاش، لا يأتي أحد ويخبرني "ولكن التطور فعلًا يحدث بشكل عشوائي"، ولا يأتي أحد ويخبرني "التطور يقول أن الإنسان أصله قرد" من فضلكم، وأود التنبيه أن الحجة هنا قائمة على إثبات التناقض بين التطور والنظرية المعرفية التي تتبناه، أي أن الحجة لا تبحث في صحة أو خطأ أي نظرية معرفية -الإلهية والطبيعية- خراج إطار علاقتها بالتطور.