في مقولة رائعة للإمام علي يقول فيها، عاتب أخاك بالإحسان إليه، واردد شره بالإنعام عليه، وهي مقولة أصبحت أقرب إلى المثالية واليوتيوبية منها إلى الواقعية في رأي الأجيال الجديدة التي تؤمن بأن العين بالعين والبادئ أظلم، ولا تفرق في المقامات بين حبيب وأخ وصديق، كلهم في الحساب سواء.

عودة إلى فلسفة إبكتتيتوس الأخلاقية، نجده يدعوا إلى الاحتفاظ بالأخوة بصرف النظر عن سبب الخلاف، فمهما كان الأخ سيءً أو صعباً، فهذا لا يعطينا حق التقرير في مصير علاقتنا به، لأن الطريق الأوحد بين الأخوة هو الاستمرار وتقديم كل التنازلات الممكنة للحفاظ على هذه الرابطة دون السماح بقطعها، ورغم أننا غير ملزمون بطاعة الأخ، لكننا ملزمون بالبقاء على صلة معه.

علينا أن نعني بأن فكرة الأخوة ليست فكرة فلسفية في الأصل، بل دخلت إلى الفلسفة باب الفكر الديني وبالتحديد الفكر المسيحي على اعتبار أن الفلسفة أوروبية الأصل وأختلطت ببعض تعاليم الفكر الديني هناك، لكن نجد أيضا مثل هذه الدعوة لتقبل إساءة الأخ في الفكر الآسيوي القديم، في الفكر الكونفشيوسي والتاوي  والبوذية وغيرها، وكلها تتفق في أن علاقة الأخوة يجب أن تخضع للواجب المترتب عن العلاقة بين الأخ والأخ وليس عن المشاعر أو الأهواء فحسب، فواجبي أن أحافظ على علاقتي بأخي مهما كان الضرف ومهما كان أخي سيء .

لكن مع الرأسمالية والعصر الحديث تغيرت كل المفاهيم الإنسانية وأصبحت الأخوة كما الصداقة والحب مسألة خاضعة للحسابات المادية ومرهونة بهوى الأشخاص ومزاجيتهم، وأصبح الأخ ككل العلاقات مجرد شيء يمكن أن نتخلى عنه في أي دقيقة.